للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: «أن تسلم قلبك لله، ويسلم المسلمون من لسانك ويدك» قال: أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: «الإيمان» قال: وما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت» هذا تفسير جامع للإسلام

قوله: "وفي الصحيح: عن عمر بن الخطاب أنَّ رسول الله قال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» " هذا تفسير الإسلام باعتبار المسلم به، وهي أركانه، وخصاله. وذلك إذا ذكر الإسلام مقترناً بالإيمان؛ فإنَّه يُراد به الأعمال الظاهرة، ويُراد بالإيمان العقائد الباطنة، وهو معنى قول أهل العلم: "إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا"، أي: الإسلام والإيمان إذا جمعهما نصٌّ واحد، فالإسلام يُراد به الشرائع الظاهرة، والإيمان يُراد به العقائد الباطنة، كما في حديث جبريل، فقد عرَّف الإسلام بالمباني الخمس، وهي شعائر الإسلام الظاهرة. وعرَّف الإيمان بالعقائد الباطنة «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره». وهكذا في كلِّ نصٍّ يجتمع فيه ذكر الإسلام والإيمان.

أما إذا ورد لفظ الإسلام منفرداً، أو لفظ الإيمان منفرداً، فإنَّ كلاً منهما يدلُّ على الدين كله، ظاهره وباطنه، كما في حديث وفد بني عبد القيس: "قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ المَغْنَمِ الخُمُسَ» " ففسر الإيمان بالإسلام.

قال شيخ الإسلام: (وَلِهَذَا صَارَ النَّاسُ فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ عَلَى " ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ " فَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْإِسْلَامُ أَفْضَلُ؛ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِيمَانُ. وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ سَوَاءٌ وَهُمْ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَحَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ جُمْهُورِهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْإِيمَانَ أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ مِنْهُمْ

<<  <   >  >>