للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر» كما أمر الله في كتابه: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١٠٤]

قوله: «حتى إذا رأيتم شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام» أي: أنَّه لا يصار إلى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا باجتماع هذه الآفات:

١ - الشح المطاع: والشح بخل مصحوب بحرص، يطيعه بنفسه ويطيعه غيره.

٢ - الهوى المتبع: الهوى نقيض الهدى، فيقدم ما تهواه النفوس على مقتضى الكتاب والسنة.

٣ - الدنيا المؤثرة: المقاصد الدنيوية؛ من مال، أو جاه، مقدمة على مقاصد الآخرة.

٤ - الإعجاب بالرأي: استحسان كل أحد لرأيه، وتسفيهه لرأي غيره، فيكثر الخلاف.

ومن الناس من يستعجل، وينزِّل هذا الوصف في غير محله، وقبل أوانه، ويفرط في التشاؤم، ويقول: هلك الناس! وقد قال النبي : «من قال: هلك الناس، فهو أهلَكُهُم» (١)، وقوله: «فهو أهلكهم» روي على وجهين مشهورين:

١ - رفع الكاف: «فهو أهلكُهم» والرفع أشهر، ومعناه: أشدهم هلاكاً.

٢ - فتح الكاف: «فهو أهلكَهم» ومعناها: هو جعلهم هالكين، لا أنهم هلكوا في الحقيقة.

وهذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس واحتقارهم، وتفضيل نفسه عليهم، وتقبيح أحوالهم، فأما من قال ذلك تحزناً لما يرى في


(١) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن قول هلك الناس برقم (٢٦٢٣).

<<  <   >  >>