حديث ابن عباس في خروج أبي بكر وعمر من الجوع، فلقيا النبي، ﷺ فأخبراه، فقال:"أخرجني الذي أخرجكما".
فدلَّ على أنه كان يطعم ويسقى في الوصال خاصة. انظر "سير أعلام النبلاء"(١٦/ ٩٨)، و"طبقات" للسبكيِّ (٣/ ١٣٣).
ولعلَّ هذا أيضًا هو ما دعا أبا عمرو بن الصلاح إلى النيل منه حين قال:"وربما غلط في تصرفه الغلط الفاحش على ما وجدته". فيصدقه الذَّهبيُّ ويقول:"صدق أبو عمرو". وبظني أنَّ تأثر ابن حِبَّان بعلم الكلام، هو الذي جعله يعتمد في أسلوبه على فذلكة المعاني وفلسفتها، وكثيرًا ما كان الذَّهبيُّ ينال من أسلوبه هذا، فيقول:"تقعقع ابن حِبَّان"، وقد كادت فذلكته هذه أن تودي به إلى التهلكة، فيحكم بقتله، وبطرده من بلده، كما حصل له في محنته.
[محنته]
قال الشيخ شعيب: "إنَّ الناظر في تاريخ الأئمة الكبار لتتملّكهـ الحيرة، ويمضُّه الألم، ولا ينقضي منه العجب: كيف وقع فحول المحدِّثين وكبارهم ضحية حروب جدلية شكلية، حمي وطيسها، وارتفعت ألسنة لهيبها، فاضطرت هذا إلى الحروب والفرار، وذاك إلى الاختباء والتواري عن الأنظار، وثالثٌ ألقي في ظلمات السجون تلسعه السياط ليل نهار، والمؤلم والعجيب أنَّ معظم تلك النيران