إذ خرجت ليلة فرأت الديباجين جميعاً يتعاقبان في أمرها أو أمر غيره في ليلة مقمرة، وكان وجه عبد العزيز إليها فرأت بياضه وطوله فقالت: حسبي به، فتزوجها ودعا محمد بن عبد الله في وليمتها فأكرمه، فلما أكل برك له ثم خرج وهو يقول:
بينا أرجي أن أكون وليها … رضيت بعرقٍ من وليمتها سُخن
وحدثني الزبير قال: أتى الرماح بن ميادة وهو ابن أبرد، المدينة وعليها عبد الواحد بن ٤، فسمع عبد الواحد يقول: أني لأهم يالتزويج فابغوني أيما، فقال الرماح: أنا أدلك، فقال: على من يا أبا شرحبيل؟ فقال: دخلت مسجدكم فإذا أشبه شيء به وبمن فيه الجنة وأهلها فبينا أنا أمشي إذ قادتني رائحة عطر رجل، فلما وقعت عيني عليه استلهاني حسنه، وتكلم قرأ قرآنا أو زبوراً حتى سكت، فلولا علمي بالأمير لقلت: هو هو، فسألت عنه فأخبرت أنه بين الحيين للخليفتين عثمان وعلي ﵄، وأنه قد نالته ولادة من النبي ﷺ فلها نور ساطع في غرته، فإن اجتمعت وهو على ولد بأن تتزوج ابنته ساد العباد وجاب ذكره البلاد؛ فقلا: ذاك محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان لفاطمة بنت الحسين يا أبا شرحبيل، فقال ابن ميادة:
لهم نبرة لم يعطها الله غيرهم … وكل عطاء الله فضل مقسم (١)
قال: وكان محمد الأكبر ابن المطرف، وهو الحازوق، يلبس أسرى الحلل، فإذا تعجب الناس من حلة قالوا: كأنها حلة الحازوق، وإذا فخر أحد بحلة قالوا: لو كانت حلة الحازوق ما عدا.
(١) شعر ابن ميادة - ط. دمشق ١٩٨٢ ص ٢٢٣ وفيه: "لهم نبوة".