كان عبد الله بن داذبة، وهو المقفّع، من أشراف أهل فارس وكان أبوه دخل في عمل للحجاج فخرج عليه مال فضرب به حتى تقفّعت يده، فغلب على اسمه المقفّع، واحتال حتى اقترض من صاحب العذاب مالا، فكان يبقي عليه من القتل، وكان منزله البصرة وكان حريصا على تأديب عبد الله ابنه يجمع إليه الأدباء ويأخذه بمشاهدة مجالسهم، وألزمه أبا الغول الأعرابي وأبا الخاموش، وكانا فصيحين، فلما مات المقفّع كتب لعامر بن ضبارة، ثم لما جاءت الدولة صحب بني علي بن عبد الله فكان يكتب لهم كتبهم، وكان أكثر ميله إلى عيسى بن علي وعلى يده أسلم.
فحدّثني محمد بن قادم النحوي، عن بعض الهاشميين، أن عبد الله بن المقفّع دخل على عيسى ليلا فقال له: إني أريد الاسلام فقد خامر قلبي حبّه وكرهت المجوسية، فقال له: إذا أصبحنا جمعت أخوتي ووجوها من وجوه الناس فشهدوا إسلامك. وحضر عشاء عيسى فدعاه ليأكل فامتنع فعزم عليه، وكان نظيفا حسن المؤاكلة، فلم يدن من الطعام إلاّ على زمزمة