الباهلي، فقال: إني قد عزمت على ان تجالساني وتسامراني، فلا تمدحاني في وجهي فإني أعلم بنفسي منكما، ولا تطريا عندي فاسقا فأمقتكما، ولا ظنينا فأستغشكما، ولا تكذباني فإنه لا رأي لمكذوب، ولا تغتابا عندي أحدا، وقولا بعد ذلك ما شئتما.
قال: فكان الهذيل يتبع هواه فيما له وعليه مما يشينه ويزينه، وكان حاتم بن النعمان يخالفه فيما خاف عليه عاقبته وضرره، فقال له الهذيل: يا أمير المؤمنين إنما يخالفك حاتم ليري الناس جرأته عليك، فوقع ذلك في نفس عبد الملك فجفاه وحجبه، فبينا عبد الملك يسير في مسير له: إذ بصر بحاتم في الموكب فدعا به، وقال له: مالي لا أراك في مسيري إذا سرت، ونزولي إذا نزلت؟ فقال: ما أبرح من عسكر أمير المؤمنين أصلحه الله، ولا أخرج عنه، وقال:
إن مسيري في المسير ومنزلي … لبالمنزل الأقصى إذا لم أقرّب
ولست وإن أدنيت يوما بقائل … مقالة ذي غش لكم لتحبب
وقد عدها قوم كثير تجارة … ويمنعني من ذاك ديني ومنصبي
وإني أرى حق الإمام ونصحه … وطاعته فرضا كما هي للأب
فدعاه وأدناه وسمع منه.
حدثني محمد بن مصفى الحمصي عن الوليد عن بعض ولد عمر بن عبد العزيز قال: قدم عبد العزيز بن مروان علي أخيه عبد الملك من مصر في بعض الأمور، فلما أراد الشخوص إليها قال له: انظر ما أوصيك به فاجعله لك إماما: ابسط بشرك، وألن كنفك، وآثر الرفق في الأمور فهو ابلغ بك، وانظر حاجبك فليكن من خير أهلك، فإنه وجهك ولسانك، ولا يقفنّ أحد