وفي أسفله: آه، آه، آه، فجعل المنصور يردد نظره في ذلك وينكره، فقال الربيع: ان أذن لي أمير المؤمنين تكلمت، فقال: تكلم، فقال: اتبع البيت تأوها وحكاية للبكاء، فأعجبه ما رأى من فطنته فقال:
قاتلك الله، وأعتقه وصيره مكان ياسر، ثم رأى تقليده أمر حجابته فكان مع أبي الخصيب فلما مات صيّره مكانه. قال: فدخل بعض الهاشميين على المنصور يوما فذكر أباه فترحم عليه، فقال له الربيع: مه، اتترحمّ على أبيك وأنت تخاطب أمير المؤمنين؟ فقال: انك لو عرفت حلاوة الآباء ومواقعهم من القلوب لم تنكر عليّ ما قلت. وكان الفضل بن الربيع حاجب الرشيد، وكان يدعوه العباسي.
وحدثني الحرمازي أو غيره أن المنصور أمر رجلا ولاه عملا بالقصد، فقال: عليك بالقصد والسداد فإنه كان يقال الظمأ الفاضح خير من الري الفاضح.
حدثني العمري قال: مرّ المنصور في بعض السكك وكانت مضيقة بالبناء فأمر بهدم ما ضيقت به من ذلك البناء وبلغ الهدم دار أبي دلامة فدخل على المنصور فقال:
يا بن عم النبي زارك زور … قد دنا هدم داره وبواره
فهو كالماخض التي اعتا … دها الطّلق فقرّت وما يقرّ قراره
كيف يخشى البوار شاعر قوم … هرمت في مديحهم أشعاره
لكم الأرض كلها فأعيروا … عبدكم ما احتوى عليه جداره
وحدثني أبو مسعود قال: أمر المنصور الربيع أن يحضر أبا دلامة القصر ويأخذه بصلاة الظهر والعصر والمغرب فأنشأ يقول: