فقال: إنا نحضر أبواب السلطان وغيره فنتساوى وإن كان له عليّ دين ذللت له وعلاني فخذ لي من غيره مالا.
وكان عبد الله كاتب مصعب بن الزبير وأنيسه، وكان عبد الله بن أبي فروة سريا يفعل افعالا شريفة ويعمّ بمعروفه من انقطع إليه وغيرهم فشهد بعض دور السّلطان ومطرت السّماء فنظر إلى جلسائه فقال: يا غلام هات لنا مماطر، فأتى بمماطر خزّ بعدتهم وكانوا نحوا من عشرين.
قال: وامسك رجل بركابه يوما، فقال: ألك حاجة؟ قال: لك على أبي ألف دينار وقد ترك مالا ولي إخوة، فقال: صدقت قد عرفتك، أعطوه الصك، والمال لك دون إخوتك.
وحدثني الحسن بن علي الحرمازي عن القاسم بن سهل النوشجاني، ان زياد بن عبيد الله الحارثي، خال أبي العباس، ابتاع الربيع في خمسين غلاما بالمدينة وهو عامل المنصور عليها وأهداهم إليه فصيّره مع أبي الخصيب ثمّ ضمه إلى ياسر صاحب وضوئه، وهو يومئذ ابن ثمان عشرة سنة. وحج المنصور في تلك السنة فكان ياسر إذا وضع للمنصور الماء عند نزوله لحاجته لم يرم حتى يفرغ المنصور من الاستنجاء، واعتلّ ياسر فصيّر الربيع يقوم مقامه في الخدمة، فكان إذا وضع الماء للمنصور تنحى عنه فإذا تحرك صار إلى الابريق فأخذه، فقال له: ويحك يا غلام ما أكيسك وأخفك على قلبي، وسأله عن سنيه فزاد فيها ليتكبر بذلك، فأعجبه ما رأى منه، ورأى المنصور في طريقه كتابا على حائط فقرأه فإذا هو:
وما لي لا أبكي وأنشد فاقتي … إذا صدر الرعيان عن كل منهل