على رَاوِيهِ بما رواه عبدُ الله بنُ سعيدٍ المَقبُرِيُّ، عن جَدِّه، عن أبي هُريرَة، مرفُوعًا:"إذا سَجَدَ أحدُكُم فليبدأ برُكبَتَيهِ قبل يديه، ولا يَبرُك كَبُرُوك الفَحلِ". ولا يَجُوزُ أن يُستَدَلَّ بمِثل هذا؛ لأنَّ عبدَ الله بنَ سعيدٍ سَاقِطُ الحديثِ، متروكٌ -كما مَرَّ ذِكرُه في الوجه السَّابق-. فلا تَثبُت دعوى ابنِ القَيِّم، ولذلك رَدَّ عليه مُلَّا عَلِي القَارِي في "مَرقَاة المفاتيح"(١/ ٥٥٢) بقوله: "ودَعوَى ابنِ القَيِّم أنَّ حديث أبي هُريرَة انقلبَ متنُه على راويه فيه نَظَرٌ؛ إذ لو فُتِح هذا البابُ لم يَبقَ اعتمادٌ على رِوايةِ راوٍ، مع كونِها صحيحةً" انتهى.
* السَّابع: قوله: "أمَّا زَعمُ أنَّ رُكبتي البعير في يده، فأوَّلُ من تولَّى كِبرَ ذلك الباطلِ، على ما أظنُّ، هو الطَّحاوِيُّ … " انتهى.
فهذا هو الظَّنُّ الباطلُ بعينه، والظَّنُّ أَكذَبُ الحديث. وقد سَرَدتُ لك فيما مضى جملةً من الأحاديث الصَّحيحة، أوَّلُها فيه نصٌّ صريحٌ قاطعٌ من سُراقة بن مالكٍ، لمَّا قال:"وساخت يدا فَرَسِي في الأرض، حتَّى بلغَتَا الرُّكبتين"، فدلَّ على أنَّ رُكبة البعير في يده، وأحاديثَ أُخرى صحيحةً دلَّت على أن البُروكَ إنَّما يكون على الرُّكبة. ولا يجوز، لا شرعًا، ولا لغةً، أن يقول قائلٌ: بَرَك فلانٌ على يديه، إلَّا إذا كان أعجميَّ الفَهم. وقد نصَّ سائرُ علماء اللُّغة في "معاجمهم"، على أنَّ رُكبةَ كلِّ ذي أربعٍ في يديه، وعُرقوباه في رجليه، ولم يُخالِف في هذا أحدٌ نعلمُهُ.
ومن الطَّريف قولُ الغُمَارِيِّ:"والبعير يَبرُكُ، فيُقدِّم يديه، سواءٌ كانت فيهما رُكبتاه، أو كانتا في رجليه".