مضافًا إليها هذه السَّخَافة، في دعوى أنَّ رُكبة ذَوِي الأربع كلِّها في يدها، لا في رِجلها. والذي يقتضيه النَّظَرُ، ويقبَلُه العقلُ هو أنَّ الحديثَ انقلب على الدَّرَاوَردِيِّ، بتفرُّدِه بتلك الزِّيادة فيه، عن مُحمَّدِ بن عبد الله بن حسنٍ؛ لأنَّ عبدَ الله بنَ نافعٍ الصَّائغَ رواه عنه بدونها، فثَبَتَ أنَّها من الدَّرَاوَردِيِّ، وهو وإن كان من رجال الصَّحيح، إلَّا أنَّه يَهِمُ إذا حدَّث مِن حفظِه، كما قال أحمدُ بنُ حنبلٍ، وزاد أنَّه:"ليس بشيءٍ، وإذا حدَّث مِن حفظِه جاء بالبواطيل"، قلتُ: وهذا منها. وقال أبو حاتمٍ:"لا يُحتَجُّ به". وقال أبو زُرعة:"سيِّءُ الحِفظ". ولمَّا ذكره الذَّهَبِيُّ في "الميزان"، قال:"هو صدوقٌ، من عُلماء المدينة، وغيرُهُ أقوى منه". وقال أحمد أيضًا:"كان يقرأُ من كُتُبِ النَّاس فيُخطِئ، وربَّما قلَبَ حديثَ عبدِ الله ابن عُمَر فيرويه عن عُبيد الله بن عُمر". وقال النَّسَائِيُّ:"ليس بالقويِّ". وقال ابنُ سعدٍ:"ثقةٌ كثيرُ الحديث يَغلَطُ"، ولذا لم يُخرِّج له البُخارِيُّ إلَّا مقرُونًا بغيره. وفيه كلامٌ أكثرُ من هذا. فلم يبق شكٌّ، في أنَّ الوهمَ في هذه اللَّفظةِ الباطلةِ منه، لا سيَّما وقد رَوى الحديثَ ثقةٌ آخرُ، عن شيخه، فلم يأتِ بها. وبهذا تَعلَمْ تَحَامُلَ البُخارِيِّ -رحمه الله- على أهل البيتِ؛ فإنَّه أعلَّ الحديث بالنَّفسِ الزَّكيَّة، البريءِ من الحديث، وسَكَت عن تعليلِه بالدَّرَاوَردِيِّ، المُتفرِّدِ عنه بتلك الزِّيادة" انتهى كلامه.
• قلتُ: والجوابُ عن هذا "الخَطَلِ" من عَشَرَةِ وُجوهٍ:
* الأوَّلُ: أنَّ المُنَاوِيَّ أخطأ عندما قال إنَّ البُخاريَّ، والتِّرمِذِيَّ أعلَّاه بمُحمَّد بن عبد الله بن حَسنٍ؛ لأنَّ هذا يعني أنَّهُما ضعَّفَاه، أو تَكَلَّما فيه.