واحدةً، لا سيَّما ومُحمَّدٌ، النَّفسُ الزَّكيَّةُ -رضي الله عنه-، راوي هذا الحديث، قد كان خَرَج على بني العَبَّاس، خُلفاءِ عصرِ البُخارِيِّ وحُكَّامِه، وأُولي الأمر فيه، وهم أعداءُ بني عليٍّ، وذُريَّةِ الزَّهراء -عليهم الصَّلاة والسَّلام-. فللَّه الأمر من قبل ومن بعد. أمَّا زَعمُ أنَّ رُكبتَي البعير في يده، فأوَّل من تولَّى كِبرَ ذلك الباطلِ، على ما أظُنُّ، هو الطَّحاوِيُّ، في "مُشكِل الآثار"، فإنَّه عقد للإشكال الوَارِد في هذا الحديث بابًا منه، فقال:"حدَّثَنا صالحُ بنُ عبد الرَّحمن ابن عمرو بن الحارث الأنصاريُّ، ثنا سعيدُ بن منصُورٍ، ثنا عبدُ العزيز ابنُ مُحمَّدٍ الدَّرَاوَردِيُّ … -بسنده ومتنه، ثُمَّ قال:- فقال قائلٌ: هذا الكلامُ مستحيلٌ؛ لأنَّه نهاه إذا سجد أن يَبرُكَ كما يَبرُكُ البعيرُ، والبعيرُ إنَّما يبرُك بيديه، ثُمَّ أَتبَع ذلك بأن قال: ولكن ليضع يديه قبل ركبتيه، فكان ما في هذا الحديث، ممَّا نهاه عنه في أوَّله، قد أمَرَه به في آخرِه"، فتأمَّلْنا ما قال، فوجدناه مُحالًا، ووجَدنَا ما رُوي عن رسُول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث مستقيمًا، لا إحالةَ فيه؛ وذلك أنَّ البعيرَ ركبتاه في يديه، وكذلك كلُّ ذي أربعٍ من الحيوان، وبنو آدم بخلاف ذلك؛ لأنَّ رُكبتَهم في أرجُلِهم، لا في أيديهم" ا. هـ.
ولم يَفعَل الطَّحاوِيُّ شيئًا، إلَّا أنَّهُ زادَ في الطِّين بِلَّةً، والإشكالُ في الحديث بحاله؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يَفعلَ الرَّجلُ كما يَفعلُ البعيرُ، والبعيرُ يَبرُك فيُقدِّم يديه، سواءٌ كانت فيهما رُكبتاه، أو كانتا في رجليه، فمَن قدَّم يده في السُّجود فقد فعل كفِعلِ البعير، وهو مَنهيٌّ عنه. وآخِرُ الحديث يَأمرُه بتقديم يديه. فالإشكال بعينه موجودٌ، سِوى أنَّه لم يَكُن