لعلل الجامع الصَّغير وشَرحَي المُنَاوِي" لأبي الفيض الغُمارِيِّ، فرأيتُه علَّق على كلامٍ للمُنَاوِيِّ، قال فيه: "وأعلَّه البُخارِيُّ، والتِرمِذِيُّ، والدَّارَقُطنِيًّ بمحمَّدِ بن عبد الله بن حسنٍ، وغيرِه".
فعقَّب الغُمَارِيُّ قائلًا: "وأمَّا تعليلُ البُخارِيِّ، والتِّرمذيِّ، والدَّارَقُطنِيِّ للحديث بمحمَّد بن عبد الله بن حسنٍ، فالتِّرمذِيُّ والدَّارَقُطنِيُّ تابعان ومُقلِّدان للبُخارِيِّ. وما قاله البُخاريُّ مردودٌ عليه، وعِبارتُه في "التَّاريخ الكبير"(١/ ١٣٩ - رقم ٤١٨): "مُحمَّد بن عبد الله، ويقال ابنُ حسنٍ. حدَّثَني مُحمَّدُ بنُ عُبيد الله، ثنا عبدُ العزيز بنُ مُحمَّدٍ، عن مُحمَّد بن عبد الله، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هُريرَة، رفعه: "إذا سَجَد فليَضَع يديه قبل رُكبتَيه". لا يُتابَع عليه، ولا أدري: سَمِع من أبي الزِّناد أم لا". وزاد الدَّارَقُطنِيُّ، فادَّعَى أنَّ عبدَ العزيز الدَّرَاوَردِيَّ تَفرَّد به عنه. وكلُّ ذلك باطلٌ؛ فإنَّ عبدَ الله بنَ نافعٍ قد تابع عبدَ العزيز على رِوايته عن مُحمَّد بن عبد الله بن حسنٍ، كما تقدَّم، عند أبي داوُدَ، والنَّسائِيِّ. ومِن ذلك الطَّريق خرَّجه التِّرمِذِيُّ أيضًا. ومُحمَّدُ ابنُ عبدِ الله بن حسنٍ لم ينفَرِد به، بل تابَعَه عبدُ الله بنُ سعيدٍ المَقبُرِيُّ، عن أبيه، عن أبي هُريرَة، كما ذكره التِّرمِذِيُّ. وَهَبْ أنَّه لم يُتابِعه أحدٌ، فماذا يضُرُّه؟! وكم خرَّج البُخارِيُّ في "صحيحه" لأفرادٍ لم يُتابِعهم أحدٌ، وكأنَّه -رحمه الله- لا يَخلُو من رائحة نَصَبٍ ونُفورٍ عن أهل البيت الكِرام، كما يَدُلُّ عليه تجنُّبُه الرِّوايةَ عن أئمَّتِهم في "صحيحه"، مع روايته عن أعدائهم! بل عمَّن تَشهَدُ الآثارُ والنُّصوصُ بانسلاخهم من الإيمان جُملةً