للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت له: من قال: إن الظاهر غير مراد، بمعنى: أن صفات المخلوقين غير مرادة، قلنا له: أصبت في المعنى، لكن أخطأت في اللفظ، وأوهمت البدعة، وجعلت للجهمية طريقًا إلى غرضهم، وكان يمكنك أن تقول: تمر كما جاءت على ظاهرها مع العلم بأن صفات الله تعالى ليست كصفات المخلوقين، وأنه منزه مقدس عن كل ما يلزم منه حدوثه أو نقصه.

ومن قال: إن الظاهر غير مراد بالتفسير الثاني وهو مراد الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة والأشعرية وغيرهم فقد أخطأ.

ثم أقرب هؤلاء الجهمية الأشعرية يقولون: إن له صفات سبعًا: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر. وينفون ما عداها، وفيهم من يضم إلى ذلك اليد فقط، ومنهم من يتوقف في نفي ما سواها، وغلاتهم يقطعون بنفي ما سواها (١).

وأما المعتزلة: فإنهم ينفون الصفات مطلقًا ويثبتون أحكامها، وهي ترجع عند أكثرهم إلى أنه عليم قدير، وأما كونه مريدًا متكلمًا فعندهم أنها صفات حادثة، أو


(١) وقد لخص شيخ الإسلام مجمل خلافاتهم بقوله في مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٢): «وهؤلاء أهل الكلام القياسي من الصفاتية فارقوا أولئك المبتدعة المعطلة الصابئة في كثير من أمورهم، وأثبتوا الصفات التي قد يستدل بالقياس العقلي عليها كالصفات السبع وهي: الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام.
ولهم نزاع في السمع والبصر والكلام هل هو من الصفات العقلية، أو الصفات النبوية الخبرية السمعية،
ولهم اختلاف في البقاء والقدم وفي الإدراك الذي هو إدراك المشمومات والمذوقات والملموسات.
ولهم أيضاً اختلاف في الصفات السمعية القرآنية الخبرية كالوجه واليد فأكثر متقدميهم أو كلهم يثبتها، وكثير من متأخريهم لا يثبتها، وأما ما لا يرد إلا في الحديث فأكثرهم لا يثبتها.
ثم منهم من يصرف النصوص عن دلالتها لأجل ما عارضها من القياس العقلي عنده، ومنهم من يفوض معناها». وانظر تفصيل ذلك: شرح الأصبهانية (ص: ٢٩ - ٣٣).

<<  <   >  >>