للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الوجه الثاني: الجواب على هذه الشبهة]

بين شيخ الإسلام فساد هذا القول من أوجه عدة أهمها ما يلي:

أولاً: أن نسبة هذه العقيدة لأحمد فحسب خطأ؛ وذلك أن هذا الاعتقاد هو اعتقاد أئمة السلف جميعهم وليست عقيدة أحمد فحسب، فكلهم مجمعون على إثبات الصفات له عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وهذا ما احتج به شيخ الإسلام عليهم في هذه المناظرة، فقال: «ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا» (١) وقال مرة: «لا والله؛ ليس لأحمد بن حنبل في هذا اختصاص، وإنما هذا اعتقاد سلف الأمة وأئمة أهل الحديث، وقلت أيضاً: هذا اعتقاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكل لفظ ذكرته فأنا أذكر به: آيةً أو حديثًا أو إجماعًا سلفيًا» (٢).

ثانياً: أن هذه العقيدة إنما هي مأخوذة من الكتاب والسنة، فهي العقيدة التي جاء بها محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، ويجب على كل مسلم اعتقادها، وما الإمام أحمد إلا مبلغ للعلم الذي جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولو جاء بشيء من تلقاء نفسه لم يقبل منه (٣) "فإن أحمد لم يأخذ عنه المسلمون كلمة واحدة من صفات الله تعالى قالها هو، بل الأحاديث التي يرويها أهل العلم في صفات الله تعالى: كانت موجودة عند الأمة قبل أن يولد الإمام أحمد، وقد رواها أهل العلم غير الإمام أحمد؛ فلا يحتاج الناس فيها إلى رواية أحمد بل هي معروفة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو لم يخلق أحمد" (٤)، قال شيخ الإسلام: «وما تكلم به من السنة؛ فإنما أضيف له لكونه أظهره وأبداه، لا لكونه أنشأه وابتدأه، وإلا فالسنة سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله، وما قاله الإمام أحمد هو قول


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٦٩).
(٢) المناظرة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ١٨٩).
(٣) المصدر السابق (٣/ ١٦٩).
(٤) مجموع الفتاوى (٦/ ٢١٤).

<<  <   >  >>