للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاجة لما لا بد منه من النصر والرزق الذي به يقوم دين الله، وهؤلاء إذا أظهروا ما يسمونه إشاراتهم وبراهينهم التي يزعمون أنها تبطل دين الله وشرعه وجب علينا أن ننصر الله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، ونقوم في نصر دين الله وشريعته بما نقدر عليه من أرواحنا وجسومنا وأموالنا فلنا حينئذ أن نعارض ما يظهرونه من هذه المخاريق بما يؤيدنا الله به من الآيات» (١)، وقال: «وليعلم أن هذا مثل معارضة موسى للسحرة لما أظهروا سحرهم أيد الله موسى بالعصا التي ابتلعت سحرهم» (٢).

والتنزل للخصوم في المناظرات من تمام الإنصاف، وفيه دعوة لطيفة لأهل الانحراف.

فكم مُبْطل وافاه يَبْغِي جداله … فأنصفه فِي الْبَحْث من غير عدوانِ

ويكشف عَنهُ شُبْهَة بعد شُبْهَة … إِلَى أَن يبين الْحق أحسن تبيانِ

فَيُصْبِح عَن تِلْكَ الْمقَالة معرضًا … وَلَو كَانَ من أَحْبَار سوء وَرُهْبَانِ (٣)

[١٩) الحرص على إفهام الخصم والإتيان بالعبارات الواضحة]

لم يكن شيخ الإسلام يبخل على خصمه بالبيان والتوضيح والشرح والتفصيل، ليتضح له الحق، وينكشف أمامه الباطل، ويتبين له الهدى من الضلال، ولم يكن هذا الحرص على المخالفين المنتسبين للإسلام والملة فحسب، بل وحتى مع غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم من الكافرين، وقد يردد الكلام ويعيده على الخصم حتى يستوعبه ويفهمه حق الفهم، ومن ذلك ما فعله في مناظرته لبعض النصارى حيث قال: «وجعلت أردد عليه هذا الكلام؛ وكان في المجلس جماعة حتى فهمه فهمًا جيدًا، وتبين له وللحاضرين أن قولهم باطل لا حقيقة له» (٤).


(١) مجموع الفتاوى (١١/ ٤٦٠).
(٢) المصدر السابق (١١/ ٤٦٠).
(٣) العقود الدرية (ص:٤٩٠) وهي أبيات من قصيدة لشهاب الدين إبراهيم بن شهاب الدين ابن كوشب الحنفي (ت: ٧٣٥ هـ).
(٤) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٤٦).

<<  <   >  >>