للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تصدى شيخ الإسلام لكل من شكك في هذه العقيدة بالرد والبيان والحجة والبرهان، بشتى الطرق ومختلف السبل، خطبةً وتصنيفاً، ومناظرةً وتأليفاً، ورداً وتقريراً، دفاعاً عن هذه العقيدة العظيمة الشريفة الجليلة؛ وقد ذكر رحمه الله أنه ناظر في هذه المسألة غير واحد من نفاة الرؤية ومحرفي معناها من مختلف الفرق الزائغة من معتزلة ومتكلمة ورافضة، وبين أن كل شبههم إنما تعود إلى لوازم التزموها، ومقدمات قرروها، خلطوا فيها حقاً بباطل؛ ليصلوا إلى بغيتهم من نفي رؤية المؤمنين لربهم.

• نص المناظرة:

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وقد ناظرت غير واحد من هؤلاء من نفاة الرؤية ومحرفيها: من شيعي، ومعتزلي، وغيرهما. وذكرت لهم الشبهة التي تذكرها نفاة الرؤية. فقلت: هي كلها مبنية على مقدمتين:

إحداهما: أن الرؤية تستلزم كذا وكذا كالمقابلة والتحيز وغيرهما.

والثاني: أن هذه اللوازم منتفية عن الله تعالى.

فكل ما يذكره هؤلاء فأحد الأمرين فيه لازم:

١. إما أن لا يكون لازماً بل يمكن الرؤية مع عدمه: وهذا المسلك سلكه الأشعري وطوائف كالقاضي (١)، أحياناً وابن عقيل (٢) وغيرهم، لكن أكثر العقلاء يقولون: إن من ذلك ما هو معلوم الفساد بالضرورة.

٢. وإما أن يكون لازمًا فلا يكون مُحالاً: فليس في العقل ولا في السمع ما يحيله، بل إذا قُدِّر أنه لازم للرؤية فهو حق؛ لأن الرؤية حق، قد عَلِمَ ذلك بالاضطرار عن خير البرية أهل العلم بالأخبار النبوية» (٣).


(١) يعني القاضي أبا يعلى الفَرَّاء وقد سبقت ترجمته.
(٢) يعني أبو الوفاء علي بن عقيل من متكلمي الحنابلة، وقد سبقت ترجمته.
(٣) بغية المرتاد (ص: ٤٧٦).

<<  <   >  >>