[المبحث الثاني: دراسة أهم المسائل العقدية الواردة في هذه المناظرة]
[مناقشة الشبهة الواردة في المناظرة والجواب عليها]
تعد هذه المناظرة مثالاً واضحاً على ما ذكره شيخ الإسلام -رحمه الله- من ضعف الحجة عند القوم وخوائها، فهذا المسكين أراد أن يرفع من شأن قومه التتر ويبين أنهم أعظم وأكرم من المسلمين، فاحتج بهذه الحجة الباطلة، التي حقيقتها الاغترار بالملك والدنيا والعصبية والقبلية.
ومن بديع جواب شيخ الإسلام عليه أنه لم يشتغل بنقض الشبهة نفسها، وإنما نقض أصل الشبهة التي بنيت عليه، وإذا انتقض أصلها انتقضت هي من باب أولى، فما بُني على باطل فهو باطل، ومن الخطأ في المحاورات والمناظرات أن يُشتغل بنقض الفروع إذا كان الأصل فاسداً، بل يُتوجه مباشرة إلى الأصل بالنقض، وعند ذلك ينتقض كل ما بُني عليه، أما إذا اشتغل المناظر بنقض أحد فروع الأصل، فستبقى فروع أخرى لم تنقض، أو ستبنى فروع جديدة لهذا الأصل، مما يطيل النقاش ولا يزول معه أصل الشبهة من رأس الخصم.
ففي هذه المناظرة لم يناقش ابن تيمية خصمه في صحة ما ادعاه من كلام، وهو أن ملكهم ملك ابن ملك إلى سبعة ملوك، ولا ناقشه في صحة ما ادعاه من أن ملك المسلمين إنما هو ابن مولى، بل ذهب مباشرة ليجتث أصل هذه الشبهة من جذورها، فبين له أن المعيار الحقيقي للمفاضلة بين الناس ليست الأموال