الثالث: أن الأمم المختلفة متفقة على ذلك من غير مواطأة.
الرابع: أنهم يقولون بألسنتهم إنا نرفع أيدينا إلى الله ويخبرون عن أنفسهم أنهم يجدون في قلوبهم اضطرارً إلى قصد العلو، فالحجة تارة بما يجده الإنسان من العلم الضروري في نفسه، وتارة بما يخبر به الناس عن أنفسهم من العلم الضروري، وتارة بما يدل على العلم الضروري في حق الناس، وتارة بأن الناس لا يتفقون على ضلالة؛ فإنه إذا كان إجماع المسلمين وحدهم لا يكون إلا حقاً، فإجماع جميع الخلق الذين منهم المسلمون أولى أن لا يكون إلا حقاً" (١).
[المسلك الثاني: الأجوبة الإجمالية على حجج القوم واعتراضاتهم على دليل الفطرة]
١) بين شيخ الإسلام أن النفاة لا يستطيعون إنكار علو الله -عز وجل-، وإثبات ما ادعوه مما يناقض صريح الفطرة: من كون الله عز وجل لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا سارياً فيه ولا مبايناً له، لا يمكنهم تقرير قولهم هذا حتى يثبتوا مقدمات ثلاث:
أولها: أن يثبتوا أن قولهم هذا غير معارض للفطرة والعلوم البديهية وغير ممتنع فيها.
ثانيها: أن يبينوا ثبوت قولهم هذا -الذي قرروا إمكانه- في الخارج؛ فإن العلم بإمكانه لا يقتضي ثبوته ووجوده.
ثالثها: إذا ثبت وجوده فيجب عليهم أن يثبتوا معارضته لما جاءت به النصوص من علو الله سبحانه وترجيحه عليها.
وبغير إثبات هذه المقدمات الثلاث لا يمكنهم أن يثبتوا قولهم ويُسلم لهم به،