للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول هذا القائل يقتضي أن يكون جميع أسمائه وصفاته قد أريد بها ما يخالف ظاهرها، ولا يخفى ما في هذا الكلام من الفساد.

والمعنى الثاني: أن هذه الصفات إنما هي صفات الله سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله، نسبتها إلى ذاته المقدسة كنسبة صفات كل شيء إلى ذاته، فيعلم أن العلم صفة ذاتية للموصوف ولها خصائص، وكذلك الوجه. ولا يقال: إنه مستغن عن هذه الصفات؛ لأن هذه الصفات واجبة لذاته، والإله المعبود سبحانه هو المستحق لجميع هذه الصفات.

وليس غرضنا الآن الكلام مع نفاة الصفات مطلقًا، وإنما الكلام مع من يثبت بعض الصفات.

وكذلك فعله، نعلم أن الخلق هو إبداع الكائنات من العدم، وإن كنا لا نكيف ذلك الفعل ولا يشبه أفعالنا، إذ نحن لا نفعل إلا لحاجة إلى الفعل، والله غني حميد.

وكذلك الذات، تعلم من حيث الجملة، وإن كانت لا تماثل الذوات المخلوقة ولا يعلم ما هو إلا هو، ولا يدرك لها كيفية، فهذا هو الذي يظهر من إطلاق هذه الصفات، وهو الذي يجب أن تحمل عليه.

فالمؤمن يعلم أحكام هذه الصفات وآثارها وهو الذي أريد منه، فيعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، وأن الأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، وأن المؤمنين ينظرون إلى وجه خالقهم في الجنة، ويتلذذون بذلك لذة ينغمر في جانبها جميع اللذات، ونحو ذلك.

كما يعلم أن له ربًا وخالقًا ومعبودًا، ولا يعلم كنه شيء من ذلك، بل غاية علم الخلق هكذا، يعلمون الشيء من بعض الجهات ولا يحيطون بكنهه، وعلمهم بنفوسهم من هذا الضرب.

قلت له: أفيجوز أن يقال: إن الظاهر غير مراد بهذا التفسير؟

فقال: هذا لا يمكن.

<<  <   >  >>