للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مناقشة الشبهة الواردة في المناظرة: وذلك من وجهين]

[الوجه الأول: بيان أصل الشبهة]

يرى ابن المرحل أن الحب والبغض والإرادة ونحوها من الصفات ليست صفات ثبوتية، وإنما هي صفات عدمية، وإضافتها للموصوف إنما هي من باب النسب والإضافات، وكل ذلك لا يتضمن قيام أي معنى بالموصوف: فالمحبة مثلاً ليست صفة لله تعالى، وإنما تنسب إلى الله وتضاف إضافة محضة، لا يترتب عليها وصف يقوم بالله، ولا فعل يقوم به، وهكذا بقية الصفات من باب النسب والإضافات المحضة (١).

قال شيخ الإسلام: «ولهذا يقول كثير منهم: إن هذه آيات الإضافات وأحاديث الإضافات وينكرون على من يقول آيات الصفات وأحاديث الصفات» (٢).

والإضافة كما عرفها ابن سينا: هي المعنى الذي وجوده بالقياس إلى شيء آخر، وليس له وجود غيره، مثل الأبوة بالقياس إلى البنوة (٣).

ومما يُمثل به لتوضيح معنى النسب والإضافات: لو أن شخصاً جلس يمين زيد، ثم جلس عن يساره، فقد كان في الأول يميناً، ثم صار يساراً له من غير أن يقع تغير لذات زيد ولا صفة حقيقية له، بل تلك إضافة محضة (٤).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ١٤٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٥/ ٤١٢).
(٣) انظر: الملل والنحل (٣/ ١٥). ومثله تعريف يعقوب بن إسحاق الكندي حيث قال: «المضاف: ما ثبت بثبوته آخر» وفخر الدين الرازي حيث قال: «المضاف: هو الذي تكون ماهيّته مقولة بالقياس إلى غيره» وقال: «أمّا المضاف: فهو طبيعة غير مستقلّة بنفسها بل هي تابعة لغيرها». انظر: موسوعة مصطلحات الفلسفة (ص:٨٠١، ٨٠٣). وانظر: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (١/ ٤٦٨).
(٤) انظر: الجديد في الحكمة لابن كمونه (ص:٥٥٨).

<<  <   >  >>