للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُوَلُّوا} وأين من الظروف. وتولوا: أي تستقبلوا. فالمعنى: أي موضع استقبلتموه، فهنالك وجه الله، فقد جعل وجه الله في المكان الذي يستقبله هذا، فدل على أن المراد الجهة والقبلة" (١).

ثالثاً: أنه "قد أخبر أن وجهه (ثمَّ): أي في ذلك المكان، وهذا يناسب أن يكون قبلته في ذلك المكان؛ لأن صفته ليست في مكان" (٢)، "وتوجيه ذلك أن يقال: قوله (فثمَّ) إشارة إلى مكان وجود، والله تعالى فوق العالم، ليس هو في جوف الأمكنة" (٣).

رابعاً: أن "قوله تعالى: {وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة:١٤٨] كقوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} كلتا الآيتين في اللفظ والمعنى متقاربتان، وكلاهما في شأن القبلة والوجه والجهة هو الذي ذكر في الآيتين: أنا نوليه: نستقبله" (٤).

خامساً: ومما يؤيد حملها على القبلة ما ذكره أهل العلم "أن هذه الآية: فيما لا يتعين فيه استقبال الكعبة، كالمتطوع الراكب في السفر، فإنه يصلي حيث توجهت به راحلته، والعاجز الذي لا يعلم جهة الكعبة، أو لا يقدر على استقبال الكعبة، فإنه يصلي بحسب إمكانه إلى أي جهة أمكن، وذكروا أيضاً أنه نسخ ما تضمنته من تسويغ الاستقبال بيت المقدس كما كان ذلك قبل النسخ" (٥).

سادساً: أن ما جاء عن السلف من تفسير الآية بالجهة والقبلة، فليس مرادهم فيه: صرفها عن ظاهرها ولا نفي صفة الوجه عن الله، كما هو فعل أهل الأهواء من المتكلمين وغيرهم الذين اعتقدوا عدم اتصاف الله بالصفات، ثم قاموا بتأويل النصوص الواردة فيها لتوافق ما قرروه من معتقد باطل. أما من ذكر عنهم تأويل


(١) المصدر السابق (٦/ ١٦).
(٢) بيان تلبيس الجهمية (٦/ ٧٤).
(٣) المصدر السابق (٦/ ٧٧).
(٤) مجموع الفتاوى (٦/ ١٦).
(٥) بيان تلبيس الجهمية (٤/ ٥٤٨).

<<  <   >  >>