أن الإمام أحمد إمام عظيم القدر ومن أكبر أئمة الإسلام، لكن قد انتسب إليه أناس ابتدعوا أشياء.
فقلت: أما هذا فحق وليس هذا من خصائص أحمد، بل ما من إمام إلا وقد انتسب إليه أقوام هو منهم بريء، قد انتسب إلى مالك أناس مالك بريء منهم، وانتسب إلى الشافعي أناس هو بريء منهم، وانتسب إلى أبي حنيفة أناس هو بريء منهم، وقد انتسب إلى موسى -عليه السلام- أناس هو منهم بريء، وانتسب إلى عيسى -عليه السلام- أناس هو منهم بريء، وقد انتسب إلى علي بن أبي طالب أناس هو بريء منهم، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- قد انتسب إليه من القرامطة والباطنية وغيرهم من أصناف الملاحدة والمنافقين من هو بريء منهم.
وذكر في كلامه: أنه انتسب إلى أحمد ناس من الحشوية والمشبهة ونحو هذا الكلام. فقلت: المشبهة والمجسمة في غير أصحاب الإمام أحمد أكثر منهم فيهم، هؤلاء أصناف الأكراد كلهم شافعية، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف آخر، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية. قلت: وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من ذلك ما في غيرهم. وكان من تمام الجواب أن الكرامية المجسمة كلهم حنفية.
وتكلمت على لفظ الحشوية (١) -ما أدري جواباً عن سؤال الأمير أو غيره أو عن غير جواب- فقلت: هذا اللفظ أول من ابتدعه المعتزلة، فإنهم يسمون الجماعة والسواد الأعظم الحشو، كما تسميهم الرافضة الجمهور، وحشو الناس: هم عموم الناس وجمهورهم، وهم غير الأعيان المتميزين يقولون هذا من حشو
(١) انظر تفصيل معنى الحشو والمراد بالحشوية حاشية (ص: ٦١٠ - ٦١١) من هذه الرسالة.