للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت: الشهرستاني ذكر ذلك في اسم المتكلمين لِمَ سُموا متكلمين؟ لم يذكره في اسم المعتزلة، والأمير إنما سأل عن اسم المعتزلة (١).

وأنكر الحاضرون عليه وقالوا: غلطت (٢). وقلت في ضمن كلامي: أنا أعلم كل بدعة حدثت في الإسلام، وأول من ابتدعها وما كان سبب ابتداعها. وأيضاً فما ذكره الشهرستاني ليس بصحيح في اسم المتكلمين؛ فإن المتكلمين كانوا يسمون بهذا الاسم قبل منازعتهم في مسألة الكلام، وكانوا يقولون عن واصل بن عطاء (٣): إنه متكلم. ويصفونه بالكلام ولم يكن الناس اختلفوا في مسألة الكلام. وقلت أنا وغيري: إنما هو واصل بن عطاء، أي: لا عطاء بن واصل كما ذكره المعترض. قلت: وواصل لم يكن بعد موت عمرو بن عبيد، وإنما كان قرينه. وقد روي أن واصلاً تكلم مرة بكلام فقال عمرو بن عبيد: لو بُعث نبي ما كان (٤) يتكلم بأحسن من هذا. وفصاحته مشهورة حتى قيل: إنه كان ألثغ وكان يحترز عن الراء، حتى قيل له: أمر الأمير أن يحفر بئر. فقال: أوعز القائد أن يقلب


(١) المقصود قول الشهرستاني: «ثم طالع بعد ذلك شيوخ المعتزلة كتب الفلاسفة حيث نشرت أيام المأمون فخلطت مناهجها بمناهج الكلام. وأفردتها فنا من فنون العلم، وسمتها باسم الكلام، إما لأن أظهر مسألة تكلموا فيها وتقاتلوا عليها، هي مسألة الكلام، فسمي النوع باسمها، وإما لمقابلتهم الفلاسفة في تسميتهم فناً من فنون علمهم بالمنطق، والمنطق والكلام مترادفان». الملل والنحل (١/ ٢٩)، فهو هنا ذكر سبب تسمية علم الكلام، ولم يذكر سبب تسمية المعتزلة، بل إنه قد نص في الكتاب نفسه على سبب تسميتهم بالمعتزلة فقال: «والقدرية ابتدأوا بدعتهم في زمان الحسن، واعتزل واصل عنهم وعن أستاذه بالقول منه بالمنزلة بين المنزلتين، فسمي هو وأصحابه معتزلة» الملل والنحل (١/ ٢٨ - ٢٩).
(٢) في العقود الدرية (وقالَ: غلطتُ) (ص:٢٩٣).
(٣) هو أبو حذيفة واصل بن عطاء المعتزلي، المعروف بالغزال، شيخ المعتزلة وإمامهم، وقصته مع الحسن معلومة مشهورة، كان ألثغ قبيح اللثغة في الراء، فكان يُخلص كلامه من الراء، وهو أول من أظهر القول بالمنزلة بين المنزلتين. (ت: ١٣١ هـ). انظر: وفيات الأعيان (٦/ ٧)، تاريخ الإسلام (٥/ ٣١٠).
(٤) في العقود الدرية (أكان؟) (ص:٢٩٤).

<<  <   >  >>