للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها المسلمون مسألة الكلام، وسمي المتكلمون متكلمين؛ لأجل تكلمهم في ذلك. وكان أول من قالها عمرو بن عبيد (١)، ثم خلفه بعد موته عطاء بن واصل. هكذا قال! وذكر نحواً من هذا. فغضبت عليه وقلت: أخطأت، وهذا كذب مخالف للإجماع. وقلت له: لا أدب ولا فضيلة، لا تأدبت معي في الخطاب، ولا أصبت في الجواب. ثم قلت: الناس اختلفوا في مسألة الكلام في خلافة المأمون (٢)، وبعدها في أواخر المائة الثانية، وأما المعتزلة فقد كانوا قبل ذلك بكثير في زمن عمرو بن عبيد، بعد موت الحسن البصري في أوائل المائة الثانية، ولم يكن أولئك قد تكلموا في مسألة الكلام ولا تنازعوا فيها، وإنما أول بدعتهم تكلمهم في مسائل الأسماء والأحكام والوعيد.

فقال: هذا ذكره الشهرستاني (٣) في كتاب: (الملل والنحل).


(١) هو أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب، ويقال: ابن كيسان، التميمي مولاهم، شيخ القدرية والمعتزلة، كان داعية إلى بدعته، اتهمه جماعة بالكذب، روي عنه العبادة والزهد، تزوج أخت واصل بن عطاء وتابعه على الاعتزال حتى صار خليفة له على ذلك، (ت: ١٤٣ هـ). انظر: كتاب المجروحين (٢/ ٦٩)، تاريخ الإسلام (٣/ ٩٤٣).
(٢) هو أبو العباس عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد بن المهدي بن أبي جعفر المنصور، سابع خلفاء بني العباس، قامت في عهده دولة الفلسفة والكلام المذموم، ترجم كتب الفلاسفة واليونان، وابتلي بمقالة المعتزلة في القرآن، فامتحن الناس عليها، حتى مات سنة (٢١٨ هـ). انظر: تاريخ الخلفاء: (ص: ٣٠٦)، تاريخ بغداد (١٠/ ١٨٣)، السير (١٠/ ٢٧٢).
(٣) هو أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني، شيخ أهل الكلام والحكمة ومن أخبرهم بالمقالات والاختلاف، اتهم بالميل إلى الإسماعيلية والدعوة إليهم ولضلالاتهم، حكى بعض أهل العلم توبته وحيرته، ولهذا تجده في المسائل يذكر أقوال الفرق وحججهم ولا يكاد يرجح شيئاً للحيرة، له مصنفات منها: الملل والنحل، ونهاية الإقدام في علم الكلام وغيرها، (ت: ٥٤٨ هـ). انظر: وفيات الأعيان (١/ ٤٨٢)، السير (٢٠/ ٢٨٦ - ٢٨٨)، شذرات الذهب (٤/ ١٤٩).

<<  <   >  >>