للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، وإنما قلت أن من أنكر حرفاً من القرآن فقد كفر، فرد ذلك عليه الحاضرون وقالوا: ما قلت إلا كذا وكذا، وقالوا: ما ينبغي لك أن تقول قولاً وترجع عنه. وقال بعضهم: ما قال هذا. فلما حرفوا: قال: ما سمعناه قال هذا، حتى قال نائب السلطان: واحد يُكْذِّبْ وآخر يشهد! والشيخ كمال الدين مغضب فالتفت إلى قاضي القضاة نجم الدين الشافعي (١) يستصرخه للانتصار على ابن الوكيل حيث كفر أصحابه. فقال القاضي نجم الدين: ما سمعت هذا؟! (٢)، فغضب الشيخ كمال الدين وقال كلاماً لم أضبط لفظه إلا أن معناه: أن هذا غضاضة على الشافعي، وعار عليهم أن أئمتهم يكفرون ولا ينتصر لهم. ولم أسمع من الشيخ كمال الدين ما قال في حق القاضي نجم الدين، واستثبت غيري ممن حضر هل سمع منه في حقه شيئاً؟ فقالوا: لا. لكن القاضي اعتقد أن التعيير لأجله (٣)، ولكونه قاضي المذهب ولم ينتصر لأصحابه، وأن الشيخ كمال الدين قصده ذلك. فغضب قاضي القضاة نجم الدين. وقال: اشهدوا علي أني عزلت نفسي، وأخذ يذكر ما يستحق به التقديم والاستحقاق، وعفته عن التكلم في أعراض الجماعة، ويستشهد بنائب السلطان في ذلك. وقلت له كلاماً مضمونه تعظيمه واستحقاقه، لدوام المباشرة في هذه الحال.


(١) قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن محمد بن سالم بن الحسن ابن صصري التغلبي الدمشقي الشافعي رئيس دمشق، وكان بصيرا بالأحكام فصيحا دينا، وله أموال ضخمة ومماليك وخدم وحشم وحشمة، (ت:٧٢٣ هـ). انظر: معجم الشيوخ (١/ ٩١) أعيان العصر (١/ ٣٢٧).
(٢) قال في ذيل مرآة الزمان: «فكأنه تغافل حتى تنكسر الفتنة» ضمن تكملة الجامع لسيرة الشيخ (ص:٢٠) وانظر: نهاية الأرب ضمن الجامع لسيرة الشيخ (ص:١٧٥)، وقال ابن أيبك في كنز الدرر ضمن المصدر السابق (ص: ٢٢٩): «فكأن نجم الدين تغافل عن ذلك طلباً لإخماد الشر».
(٣) وقد بين قطب الدين اليونيني ما قاله كمال الدين فقال: «فقال كمال الدين: ما جرى على الشّافعيّة قليل كونك تكون رئيسهم إشارة إلى ما ادعاه على صدر الدين، فاعتقد قاضي القضاة نجم الدين أن الكلام له». ذيل مرآة الزمان ضمن تكملة الجامع لسيرة شيخ الإسلام (١/ ٢٠) وانظر: الدرر الكامنة، ضمن الجامع لسيرة الشيخ (ص:٥٣٤).

<<  <   >  >>