للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كفر». وقد كتبت عليها بخطك: أن هذا مذهب الشافعي وأئمة أصحابه، وأنك تدين الله بها.

فاعترف بذلك، فأنكر عليه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني ذلك. فقال ابن الوكيل: هذا نص الشافعي. وراجعه في ذلك مراراً.

فلما اجتمعنا في المجلس الثاني: ذُكِرَ لابن الوكيل أن ابن درباس (١) نقل في كتاب (الانتصار) (٢) عن الشافعي مثل ما نقلت.

فلما كان في المجلس الثالث: أعاد ابن الوكيل الكلام في ذلك. فقال الشيخ كمال الدين لصدر الدين بن الوكيل: قد قلت في ذلك المجلس للشيخ تقي الدين: إنَّه من قال: إن حرفاً من القرآن مخلوق فهو كافر، فأعاده مراراً فغضب هنا الشيخ كمال الدين غضباً شديداً ورفع صوته، وقال: هذا يكفر أصحابنا المتكلمين الأشعرية الذين يقولون: إن حروف القرآن مخلوقة، مثل إمام الحرمين (٣) وغيره، وما نصبر على تكفير أصحابنا، فأنكر ابن الوكيل أنه قال ذلك. وقال: ما قلت


(١) هو أبو عمرو عثمان بن عيسى بن درباس الماراني، ضياء الدين، من أعلم الشافعيين بالفقه في عصره، ولي القضاء بالديار المصرية سنة ٥٦٦ هـ، له مصنفات منها: الاستقصاء لمذاهب الفقهاء، شرح للمهذب، شرح اللمع في أصول الفقه. (ت: ٦٠٢ هـ). انظر: تاريخ الإسلام (١٣/ ٦٩٩) والوافي بالوفيات (١٩/ ٣٣١) وطبقات الشافعية الكبرى (٨/ ٣٣٧)، وابنه إبراهيم أحد العلماء المحدثين، وأخوه عبد الملك قاضي الديار المصرية، وكلهم يلتقون بجدهم ابن درباس، ويلقبون به، والمراد هنا عثمان الأب كما سيتضح في الحاشية التالية.
(٢) لم أقف على من ذكر هذا الكتاب إلا شيخ الإسلام في هذا الموضع والقرطبي في تفسيره (٢/ ٢١٢) ونسبه إلى عثمان بن عيسى بن درباس؛ ولذلك بينت أن المراد بابن درباس فيما ذكره شيخ الإسلام عثمان بن عيسى وليس ابنه إبراهيم ولا أخاه عبد الملك والله أعلم.
(٣) هو أبو المعالي، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجُوَيْني، الملقب بإمام الحرمين: من أئمة الأشاعرة، ومن كبار فقهاء الشافعية، له مصنفات منها: "غياث الأمم"، "العقيدة النظامية" وغيرها، (ت:٤٧٨ هـ). انظر: وفيات الأعيان (١/ ٢٨٧)، طبقات الشافعية (٣/ ٢٤٩).

<<  <   >  >>