للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال له الشيخ: هكذا قال نبيك إن كنت مؤمناً به، وهكذا قال محمد بن عبدالله إن كان رسولا عندك!] (١).

[فقال آخر: الحديث (يُنادَى)؟ فقلتُ: أما غالبُ الرواة، فإنهم قالوا: «يُنادِي»، وقد رواه بعضهم «يُنادَى» كما حكاه القاضي عياض (٢)، ولا منافاة، فإن الروايتين الصحيحتين في الحديث كالقراءتين الصحيحتين في القراءات، فذلك مثل قوله: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} [الكهف:٤٧]، (وتُسَيَّرُ الجبالُ) (٣) (٤).

وطلب الأمير الكلام في مسألة الحرف والصوت؛ لأن ذلك طُلب منه. فقلت: هذا الذي يحكيه كثير من الناس عن الإمام أحمد وأصحابه أن صوت القارئين ومداد المصاحف قديم أزلي، كما نقله مجد الدين ابن الخطيب (٥) وغيره، كذب مفترى، لم يقل ذلك أحمد ولا أحد من علماء المسلمين، لا من أصحاب أحمد ولا غيرهم، [وفساد هذا معلوم بالحس] (٦) [ولا يقوله عاقل] (٧)، وأخرجت كراساً قد أحضرته مع العقيدة، فيه ألفاظ أحمد مما ذكره الشيخ أبوبكر الخلال (٨) في كتاب السنة عن الإمام أحمد، وما جمعه صاحبه أبو بكر


(١) رسالة عبد الله ابن تيمية في حكاية المناظرة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ٢٠٩).
(٢) هو القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض البستي كان إمام وقته في الحديث وعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم وصنف التصانيف المفيدة منها " الإكمال في شرح كتاب مسلم " و" مشارق الأنوار " (ت:٥٤٤ هـ). انظر: وفيات الأعيان (٣/ ٤٨٣) والسير (٢٠/ ٢١٢).
(٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (تُسَيَّرُ الجبالُ) بالتاء وقرأ الباقون {نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} بالنون. انظر: الحجة للقراء السبعة (٥/ ١٥١) حجة القراءات (ص:٤١٩).
(٤) حكاية المناظرة في الواسطية ضمن الجامع لسيرة شيخ الإسلام (٨/ ١٩٨).
(٥) المقصود هنا الرازي، وهو فخر الدين بن الخطيب، وليس مجد الدين بن الخطيب فلعله وقع تصحيف هنا، وانظر: صيانة مجموع الفتاوى (ص: ٢٥٥).
(٦) حكاية المناظرة في الواسطية ضمن جامع المسائل (٨/ ١٨٤).
(٧) المصدر السابق (٨/ ١٨٤).
(٨) هو أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي، المعروف بالخلال، الإمام العلامة الحافظ الفقيه شيخ الحنابلة وعالمهم، جامع علم الإمام أحمد، له مصنفات منها: الجامع في الفقه وكتاب العلل، وكتاب السنة والطبقات، وغيرها، (ت: ٣١١ هـ). انظر: طبقات الحنابلة (٢/ ١٢)، تذكرة الحفاظ (٣/ ٧٨٥).

<<  <   >  >>