للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيئًا فليكتُب خطَّه بما ينكره، ولينقلْ ذلك عن سلف الأمة، ويذكر مستنده، أو ليكتبْ عقيدةً تُناقض هذه، وتُعرَضُ الثنتانِ على سلطان المسلمين] (١).

وقلت أيضاً: في غير هذا المجلس: الإمام أحمد -رحمه الله- لما انتهى إليه من السنة ونصوص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مما انتهى إلى غيره، وابتلي بالمحنة والرد على أهل البدع أكثر من غيره، كان كلامه وعلمه في هذا الباب أكثر من غيره، فصار إماما في السنة أظهر من غيره، وإلا فالأمر كما قاله بعض شيوخ المغاربة -العلماء الصلحاء- قال: (المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد بن حنبل) (٢)، يعني أن الذي كان عليه أحمد عليه جميع أئمة الإسلام، وإن كان لبعضهم من زيادة العلم والبيان وإظهار الحق ودفع الباطل، ما ليس لبعض.

ولما جاء فيها: «وما وصف به النبي ربه في الأحاديث الصحاح: التي تلقاها أهل العلم بالقبول … » ولما جاء حديث أبى سعيد المتفق عليه في الصحيحين (٣) عن النبي - -صلى الله عليه وسلم- يقول الله يوم القيامة: (يا آدم فيقول: لبيك وسعديك. فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تبعث بعثا إلى النار) الحديث. سألهم الأمير هل هذا الحديث صحيح؟ فقلت: نعم. هو في الصحيحين، ولم يخالف في ذلك أحد. واحتاج المنازع إلى الإقرار به، ووافق الجماعة على ذلك.

[فأخذ نائب المالكي يقول: أنت تقول: إن الله ينادي بصوت!


(١) حكاية المناظرة في الواسطية ضمن جامع المسائل (٨/ ١٩٢) وانظر أيضا: رسالة عبد الله بن تيمية لأخيه زين الدين عن حاصل المناظرة في الواسطية، ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ٢٠٦).
وقال في مجموع الفتاوى (٣/ ٢٤٤): «وقد قلت قبل ذلك بدمشق: هذه الإنكارات المجملة لا تفيد شيئاً، بل من أنكر شيئاً فليكتب خطه بما أنكره وبحجته، وأنا أكتب خطي بجواب ذلك ويرى أهل العلم والإيمان الكلامين، فهذا هو الطريق في الأمور العامة».
(٢) ذكر الشيخ هذه العبارة في غير ما موضع من كتبه، ولم ينص على اسم قائلها، ولم أقف بعد البحث على صاحبها، انظر: منهاج السنة (٢/ ٣٦٥) درء التعارض (٥/ ٥).
(٣) رواه البخاري كتاب تفسير القرآن باب: {وترى الناس سكارى} (٤٧٤١) ومسلم كتاب الإيمان (٢٢٢).

<<  <   >  >>