للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمثال هذه الأحاديث الصحاح التي يخبر فيها رسول الله بما يخبر به؛ فإن الفرقة الناجية -أهل السنة والجماعة- يؤمنون بذلك، كما يؤمنون بما أخبر الله في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم وسط (١) في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم، فهم وسط في باب صفات الله بين أهل التعطيل الجهمية وبين أهل التمثيل المشبهة».

ولما رأى هذا الحاكم العدل ممالأتهم وتعصبهم، ورأى قلة العارف الناصر وخافهم، قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فتقول (٢) هذا اعتقاد أحمد: يعني والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه، فإن هذا مذهب متبوع، وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم.

فقلت: ما جمعت (٣) إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو قال أحمد (٤) من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله، وهذه عقيدة محمد -عليه الصلاة والسلام-.

وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (خير القرون القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) يخالف ما ذكرته، فأنا أرجع عن ذلك وعلي أن آتي بنقول جميع الطوائف عن (٥) القرون الثلاثة توافق ما ذكرته: من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، والأشعرية، وأهل الحديث، والصوفية، وغيرهم، [وقلتُ: من أنكر من ذلك


(١) في العقود الدرية (الوسط) (ص:٢٧٤).
(٢) في العقود الدرية (فنقول) (ص:٢٧٥).
(٣) في العقود الدرية (ما خرجت) (ص:٢٧٥).
(٤) في العقود الدرية (أحد) (ص:٢٧٥).
(٥) في العقود الدرية (من) (ص:٢٧٦).

<<  <   >  >>