للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نظير ما أسأل عنه، فأخبر به الناس أني رأيته، وأنه سيأتي ولا أكون قد رأيته وإنما رأيت شبيهه.

وهكذا تفعل الجن بمن يعزم عليهم ويقسم عليهم، وكذلك ما رآه قسطنطين (١) من الصليب الذي رآه من نجوم، والصليب الذي رآه مرة أخرى هو مما مثله الشياطين وأراهم ذلك ليضلهم به؛ كما فعلت الشياطين ما هو أعظم من ذلك بعباد الأوثان، وكذلك من ذكر أن المسيح جاءه في اليقظة وخاطبه بأمور؛ كما يذكر عن بولس (٢)، فإنه إذا كان صادقا كان ذلك الذي رآه في اليقظة وقال: أنه المسيح، شيطانا من الشياطين؛ كما جرى مثل ذلك لغير واحد.

والشيطان إنما يضل الناس ويغويهم بما يظن أنهم يطيعونه فيه فيخاطب النصارى بما يوافق دينهم ويخاطب من يخاطب من ضلال المسلمين بما يوافق اعتقاده وينقله إلى ما يستجيب لهم فيه بحسب اعتقادهم.

ولهذا يتمثل لمن يستغيث من النصارى بجرجس في صورة جرجس أو بصورة من

يستغيث به النصارى من أكابر دينهم، إما بعض البطاركة (٣)، وإما بعض


(١) قسطنطين الكبير (الأول) الإمبراطور الروماني الشهير الذي سمح بالدين النصراني وأفسده وخلطه بالدين الروماني الوثني، كان وثنياً وقيل أنه تعمد على النصرانية وقد كان (مجمع نيقية الأول) الذي تم فيه تقرير (التثليث) وأن عيسى ابن الله تحت إشرافه (ت:٣٣٧ م). انظر: مروج الذهب (١/ ٣٥٠) قصة الحضارة (١١/ ٣٨٢).
(٢) هو شاول الطرسوسي اليهودي الفريسي، وكان من ألد أعداء دعوة المسيح عليه السلام، وكان يذيق أتباعه أشد العذاب، ثم زعم أنه رأى المسيح عند عودته من دمشق وأنه وبخه على اضطهاده لأتباعه، وأمره بالتبشير، ثم ادعى اعتناقه دين المسيح، وأصبحت له مكانة عظيمة عند النصارى، وهو أحد أعظم أسباب انحراف الديانة النصرانية وتحريفها وإدخال الوثنية عليها (ت:٩٦ م). انظر: هداية الحيارى (٢/ ٥٤٨) ودراسات في اليهودية والنصرانية (ص:٣٥٢ - ٣٦٠).
(٣) بطرك وبطريك: لقب يطلق في المسيحية على مقدم النصارى ورئيس رؤساء الأساقفة انظر: مفاتيح العلوم (ص: ١٤٨) المعجم الوسيط (١/ ٦١).

<<  <   >  >>