عمر وإما بعض الحواريين، وهذا فلان لبعض من يعتقد فيه الصلاح إما جرجس (١) أو غيره ممن تعظمه النصارى، وإما بعض شيوخ المسلمين، ويكون ذلك شيطاناً ادعى أنه ذلك النبي، أو ذلك الشيخ، أو الصديق أو القديس.
ومثل هذا يجري كثيراً لكثير من المشركين والنصارى وكثير من المسلمين، ويرى أحدهم شيخا يحسن به الظن، ويقول: أنا الشيخ فلان ويكون شيطاناً، وأعرف من هذا شيئاً كثيراً، وأعرف غير واحد ممن يستغيث ببعض الشيوخ الغائبين والموتى، يراه قد أتاه في اليقظة وأعانه.
وقد جرى مثل هذا لي ولغيري ممن أعرفه، ذكر غير واحد أنه استغاث بي من بلاد بعيدة، وأنه رآني قد جئته، ومنهم من قال: رأيتك راكباً بلباسك وصورتك، ومنهم من قال: رأيتك على جبل، ومنهم من قال: غير ذلك. فأخبرتهم أني لم أغثهم، وإنما ذلك شيطان تصور بصورتي ليضلهم لما أشركوا بالله ودعوا غير الله.
وكذلك غير واحد ممن أعرفه من أصحابنا استغاث به بعض من يحسن به الظن فرآه قد جاءه وقضى حاجته، قال صاحبي: وأنا لا أعلم بذلك، ومن هؤلاء الشيوخ من يقول: إنه يسمع صوت ذلك الشخص المستغيث به ويجيبه، وتكون الشياطين أسمعته صوتاً يشبه صوت الشيخ المستغيث له فأجابه الشيخ بصوته، فأسمَعتِ المستغيث صوتاً يشبه صوت الشيخ، فيظن أنه صوت الشيخ.
وهذا جرى لمن أعرفه وأخبر بذلك عن نفسه، وقال: بقي الجني الذي يحدثني يبلغني، مثل صوت المستغيثين بي، ويبلغهم مثل صوتي، ويريني في شيء أبيض
(١) هو القديس جرجس أو مار جرجس ومعنى اسمه الزارع أو الفلاّح أحد المعظمين عند النصارى اشتهر عندهم بأنه تغلب على التنين وقتله، وهو من أعظم الشهداء عند النصارى أذاقه القياصرة أشد أصناف العذاب وقتلوه بفلسطين على عهد ديوقلسيانوس المغتصب في أوائل القرن الرابع. وله ذكرى سنوية عند النصارى، ويكثرون من التسمية باسمه ويسمون به كنائسهم وديرهم ومعابدهم أيضاً، (ت:٣٠٣ م). انظر: الجواب الصحيح (٤/ ٢٠٧) هداية الحيارى (٢/ ٥٤٨ - ٥٤٩).