دعا على نفسه بأعظم العذاب، وأشد النكال على أنه صادق لم يكن صادقاً، ولم تكن صحيحة، بل هي والله ثم والله من أعظم الكذب، وأقبح الباطل، ونحن نشهد الله سبحانه ومن حضرنا من الملائكة، ومن اطلع على هذه الكتابة من المسلمين شهادة نلقى بها ربنا عز وجل، أن هذه الوصية كذب وافتراء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخزى الله من كذبها، وعامله بما يستحق.
ويدل على كذبها وبطلانها سوى ما تقدم أمور كثيرة:
الأول منها: قوله فيها: (لأن من الجمعة إلى الجمعة مات مائة وستون ألفاً على غير دين الإسلام) لأن هذا من علم الغيب، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد انقطع عنه الوحي بعد وفاته، وهو في حياته لا يعلم الغيب، فكيف بعد وفاته لقول الله سبحانه وتعالى {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ}{الأنعام: ٥٠}. وقوله تعالى {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}{النمل: ٦٥}.
وفي الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُذاد رجال عن حوضي يوم القيامة، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي. فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح:{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ … شَيْءٍ شَهِيدٌ}{المائدة: ١١٧}.