إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة لا في الدنيا، ومن قال خلاف ذلك فهو كاذب كذباً بيناً، أو غالط ملبس عليه، لم يعرف الحق الذي عرفه السلف الصالح، ودرج عليه أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان.
الوجه الثاني: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يقول خلاف الحق لا في حياته ولا في وفاته، وهذه الوصية تخالف شريعته مخالفة ظاهرة من وجوه كثيرة، كما يأتي. وهو -صلى الله عليه وسلم- قد يُرى في النوم، ومن رآه في المنام على صورته الشريفة فقد رآه، لأن الشيطان لا يتمثل في صورته، كما جاء بذلك الحديث الصحيح الشريف، ولكن الشأن كل الشأن في إيمان الرائي، وصدقه، وعدالته، وضبطه، وديانته، وأمانته، وهل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في صورته، أو في غيرها، ولو جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث قاله في حياته من غير طريق الثقات العدول الضابطين لم يعتمد عليه، ولم يحتج به، أو جاء من طريق الثقات الضابطين ولكنه يخالف رواية من هو أحفظ منهم وأوثق، مخالفة لا يمكن معها الجمع بين الروايتين لكان أحدهما منسوخاً لا يعمل به، والثاني ناسخاً يعمل به حيث أمكن ذلك بشروطه، وإذا لم يمكن ذلك ولم يمكن الجمع وجب أن تطرح رواية من هو أقل حفظاً، وأدنى عدالة، والحكم عليها بأنها شاذها لا يعمل بها، فكيف بوصية لا يُعرف صاحبها الذي نقلها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تُعرف عدالته وأمانته، فهي والحالة هذه حقيقة بأن تُطرح ولا يُلتفت إليها، وإن لم