وقال أيضاً: والظاهر أن الذين يلفقون هذه الوصايا من الجهال، يظنون أنه ربما يكون لنشرها تأثير عظيم في المسلمين، وأنهم يقصدون النفع، ويستحلون في التوسل إليه تعمد الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما كان يفعل بعض الوضاعين بأحاديث الترغيب والترهيب، مع علم أولئك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) فإنه روي متواتراً في الكتب الستة وغيرها من المسانيد والمعاجم عن عشرات من الصحابة، ثم ينسخها بعض العوام حيث لا مطابع، ويطبعونها في مثل هذه البلاد لتصديقهم بما في آخرها من الوعد والوعيد، ومن العجب أن الذين يجددون تلفيق الوصية لا يتركون اسم الشيخ أحمد، كأنه خالد في الحرم النبوي الشريف، وكأنه أعطي خدمة الحجرة الطاهرة خالدة تالدة لا تؤثر فيها أحداث الزمان ولا مرور السنين ولا تغير الحكومات، ويلوح في ذاكرتي أن بعض زوار المدينة سأل عن الشيخ أحمد هذا منذ سنين كثيرة فلم يجد في الحرم النبوي من يعرفه.
ومن دلائل كذب هذه الوصية أسلوبها العامي، على أن الوصية الجديدة دون ما سبقها في اللحن واصطلاحات العامية.
ومنها وهو أقواها: زعم مختلقها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صار محجوباً عن ربه وعن الملائكة، بسبب ذنوب الناس وهذه أعظم العقوبات التي توعد الله تعالى بها الفجار الكفار بقوله {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}{المطَّففين: ١٥}