والحلبي في "فوائد الفوائد"(ص: ٤٦٣) قال: (اتقوا فراسة المؤمن) حديث ضعيف، وعزا تخريج الحديث إلى رسالته "كشف المتواري من تلبيسات الغماري"(ص: ١٩ - ٢٢). قال: وقد حاول البعض تصحيح الحديث، ولمْلمَ له ما ظنَّه يقويه، ولكنه لم يفلح، ولعلّي أتعقبه في رسالة مفردة، إذا نَسَأَ الله في العمر، وفسح في الوقت. اهـ.
التعليق:
قلت: ومعنى الحديث صحيح، ويُغني عنه حديث:(إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)(١). ويقول الله تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)} {الحجر: ٧٥}. ذكر عدد من أهل العلم أن هذه الآية في أهل الفِراسَة.
والفِراسَة: نور يقذفه الله في قلب عبده المؤمن، الملتزم سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، يكشف له بعض ما خفي على غيره، مستدلاً عليه بظاهر الأمر، فيُسدد في رأيه، يفرق بهذه الفِراسة بين الحق والباطل، والصادق والكاذب، دون أن يستغني بذلك عن الشرع.
وللعلامة ابن القيم كلام نفيس حول الفِراسة انظرها إن شئت في "مدارج السالكين"(٢/ ٤٥٢ - ٤٦٣).
(١) رواه البزار وغيره عن أنس -رضي الله عنه-، وحسَّنه العلامة الألباني في "الصحيحة" (١٦٩٣)، و"صحيح الجامع" (٢١٦٨).