للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن القيم -رحمه الله-: سبحان الله كم أهلكت هذه البلية من الخلق، وكم أزالت من نعمة، وكم جلبت من نقمة، وما أكثر المفترين بها من العلماء فضلاً عن الجهال، ولم يعلم المفتري أن الذنب ينقض ولو بعد حين كما ينقض السم والجرح المندمل على دغل، (والديان لا يموت) فيه جواز إطلاق الديان (١) على الله سبحانه وتعالى لو صح الخبر)، (اعمل ما شئت) تهديد شديد، وفي رواية: (فكن كما شئت، كما تدين تدان) أي: كما تُجَازِي تُجَازَى، يقال: دنته بما صنع، أي: جزيته. ذكره الديلمي ومن مواعظ الحكماء: عباد الله الحذر، فوالله لقد ستر حتى كأنه غفر، ولقد أمهل حتى كأنه أهمل.

قلت: وقريباً من هذا الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أتاني جبريل فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس) (٢).


(١) قال شيخنا العلامة العباد في "قطف الجنى الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (ص: ٨٦ - ٨٧): الديان دليله قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يحشر الله العباد -أو قال الناس- عراة غرلاً بهما، قال: قلنا: ما بهما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان) أخرجه الحاكم في المستدرك في موضعين (٢/ ٤٣٨)، (٤/ ٥٧٤)، وصححه وأقره الذهبي، وحسنه الحافظ في "الفتح" (١/ ١٧٤) والألباني في صحيح الأدب المفرد (٧٤٦).
(٢) رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>