إنها الحياة الآخرة، وإنها مرحلة ومسألة حياة الإنسان في الآخرة، يقول سبحانه وهو يسأل الناس يوم القيامة خاصة الغافلين:{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}[المؤمنون:١١٢] كم مكثتم من فترة؟ يا أهل الثمانين ويا أهل المائة! كم لبثتم من فترة؟
بعض الصحف وبعض المجلات تجري مقابلة مع بعض الناس، قالوا: بلغ مائة وأربعين سنة، لكن تعال وابحث ما هو المحصول بعد مائة وأربعين سنة؟ لا شيء، يسألونهم ماذا يفطر في الصباح؟ وما هي وجبة الغداء؟ وماذا يجيد من العرضات الشعبية والقصائد النبطية؟ ولكن لا آية ولا حديث ولا نافلة ولا صيام ولا ذكر ولا قيام ليل ولا صلة رحم، كل هذه لا تعرض في الأسئلة، ولا يسألونه ما هو أثره على أسرته؟ أو على نفسه؟ ولا يسألونه ما هي آماله عن اليوم الآخر؟ وما هي تطلعاته؟ إنما هي هذه الأسئلة، فيقول لسان الحال: ليت هذا العمر الطويل لشيخ الإسلام ابن تيمية أو الإمام أحمد {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}[المؤمنون:١١٢] والله يدري والله يعلم بما لبثوا {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون:١١٣] يقولون: لبثنا يوماً واحداً في الحياة، فأدركهم الورع، وخافوا أن يكذبوا، فقالوا: أو بعض يوم، وليس يوماً كاملاً، ويقولون لله: اسأل الملائكة والكتبة، نحن لا ندري.
قال الغزالي: من هول الموقف لا يدرون كم لبثوا!
لا إله إلا الله! إذا بلغ بك الحال يوم القيامة ألا تعرف عمرك، فكيف هذا اليوم؟! يا له من يوم ما أهوله! قال سبحانه:{قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}[طه:١١٤ - ١١٦].