للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده]

فكان عمر في كف محمد عليه الصلاة والسلام سيفاً مصلتاً يهزه للحادثات، يقول العقاد: الفرق بين أبي بكر وعمر، أن أبا بكر عرف محمداً النبي، وأن عمر عرف النبي محمداً.

فـ أبو بكر عرف الرسول عليه الصلاة والسلام في جاهلية أبي بكر وبعد إسلامه، وعمر لم يعرف الرسول عليه الصلاة والسلام، إلا في ساعة ميلاده يوم أسلم، يوم وضع كفه في كف الرسول عليه الصلاة والسلام، كلما رأى حدثاً، أو رأى زنديقاً أو منافقاً قال: يا رسول الله! إئذن لي أضرب عنقه! ولو أذن له، لقتل العشرات، ووالله! لا يتورع لحظة، إذا سمع الأمر المحمدي إلا أن ينفذه ولوسبح في دمه هو.

ويموت عليه الصلاة والسلام كما يموت الناس، وكان عمر قوي الجثة، وصلب الجثمان، ومتين الهيكل، وشديد العضلات:

قد كنتَ أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها

قل للملوك تنحوا عن مناصبكم فقد أتى آخذ الدنيا ومعطيها

فهذا الرجل يأخذ الدنيا في ساعة، يستولي على امبراطورية كسرى في يوم ويسلمها للفقراء في يوم، وهذا الرجل تأتيه الموائد من الذهب والفضة على الجمال، وتدخل المدينة وهو يصلي في الناس، وفي بردته أربعة عشر رقعة من الفقر والعوز، وهذا الرجل يفتح دولة هرقل، ويدكدك عاليها بسافلها ولا يجد خبز الشعير الذي يأكله مع فقراء المسلمين، هذا هو عمر!

لما مات الرسول عليه الصلاة والسلام -كما سبق معنا- قام بالسيف وقال: [[من قال أن محمداً قد مات، ضربت عنقه بهذا السيف]] فلما سمع الخبر وتأكد من النبأ، سقط على وجهه مغمى عليه حتى رش بالماء.

أين العضلات؟! أين الجثمان؟! أين القوة؟!

تولى أبو بكر فكان عمر بجانبه وزيراً ومستشاراً! وأتت سكرات الموت لـ أبي بكر فكتب كتاباً بولاية العهد لـ عمر، فكان مبكياً حقاً، واسمع الكتاب:

<<  <  ج:
ص:  >  >>