للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشفاعة في خروج عصاة الموحدين من النار]

خروج أناس من النار بالشفاعة، فمن معتقدنا نحن أهل السنة والجماعة أن الموحدين لا يخلدون في النار، قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله في منظومته العقدية:

لكن عصاة من أولي التوحيد قد يدخلونها بلا تخليد

فمن مات وهو صاحب كبائر قد يدخل النار أو قد تدركه شفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن لو دخل النار وهو موحد فلا يخلد في النار، فالسارق والزاني وشارب الخمر ومن أحدث كبائر والقاتل، قد يدخل النار ولكن لا يخلد في النار، والدليل على ذلك ما في الصحيح من حديث أبي موسى، قال: قال سول الله صلى الله عليه وسلم: {يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيقول الله: أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان -هذه رحمة أرحم الراحمين- فيخرجون من النار وقد امتحشوا واسودوا وتغيرت ألوانهم، فيغمسون في نهر الحياة، نهر عند باب الجنة فيدخلون صفر الألوان مكتوب عليهم الجهنميون، عتقاء الله من النار، وهؤلاء هم آخر من يدخل الجنة من أهل الجنة} ولعلمكم أن آخر من يدخل الجنة، رجل من هؤلاء، يقول: يارب -هذا الموحد أما المشرك فلا يطمع أبداً في الدخول وهو خالد مخلد في النار: {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:٧٢] {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨] فالمشرك الجنة محرمة عليه أبداً، فآخرهم كما في الصحيحين برواية طويلة من حديث أبي هريرة، يخرجه الله، يقول: {يا رب! أخرجني من النار، قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، قال الله: يابن آدم! إن أخرجتك من النار أتسأل غير ذلك؟ قال: لا يا رب! فيعطي ربه من الوعود والمواثيق ما الله به عليم فيخرجه، فإذا أخرجه رأى الجنة، قال: يا رب! قربني من باب الجنة، قال: ما أغدرك يابن آدم! أتسألني غير ذلك؟ قال: لا والله يا رب -الحديث في الصحيحين - فيقربه الله فيرى نعيم الجنة، قال: يا رب! أدخلني الجنة، فيضحك الله} وهذا معتقد أهل السنة والجماعة أن الله يضحك ضحكاً يليق بجلاله، لا نكيفه ولا نمثله ولا نشبهه ولا نعطله، ولما قال صلى الله عليه وسلم: {يضحك ربنا، قال أعرابي بدوي عنده: لا نعدم من رب يضحك خيراً} الأعراب لهم دواهي، يقول: لا نعدم من رب يضحك خيراً، وصدق أنه مادام أن الله يرحم ويضحك فنرجو رحمته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ونسأله فضله {فيدخله الله الجنة، فيقول: تمن، فيتمنى، فيقول: لك ذلك وعشرة أمثال من ملك أهل الدنيا} لكن موضع سوط فيها خير من الدنيا وما عليها.

أقلهم ملكاً من الدنيا ملك وعشرة أمثالها من دون شك

لكنما موطن سوط فيها خير من الدنيا وما عليها

<<  <  ج:
ص:  >  >>