ثمَّ جعل مقرّ تِلْكَ الْكتب كلهَا فِي تربة الْملك الظَّاهِر فِي الْمدرسَة الْمَذْكُورَة لمتانتها ولياقتها لتِلْك الْغَايَة وطبع دفتر بأسماء الْكتب وَعين الْوَالِي لَهَا محافظين لكل وَاحِد مِنْهُمَا مِائَتي قِرْش فِي الشَّهْر وبوابا بِخَمْسِينَ قرشا وَلما أنْتَهى المرحوم مدحت باشا تنظيمها وترتيب قانونها عزل عَن ولَايَة سورية وَجَاء بعده حمدي باشا فِي أَوَائِل سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فَكتب الْحجر الَّذِي على بَاب المكتبة باسمه فكم ساع لقاعد سنة الله فِي خلقه والمكتبة الْمَذْكُورَة مَفْتُوحَة الْبَاب للمطالعين وَزَاد أهل الْخَيْر فِي كتبهَا مَا هُوَ قريب من الأَصْل وَكَانَ بِهَذِهِ الْمدرسَة دَار حَدِيث بَين إيوَان الْحَنَفِيَّة القبلي وإيوان الشَّافِعِيَّة الشَّرْقِي وَقد صَارَت بَيْتا مُنْذُ التسْعمائَة والى الْآن ودرس بهَا كثير من المدرسين مِنْهُم اليونيني الْمُحدث الْمَشْهُور وَعمر الربعِي الفارقي وَابْن بنت الْأَعَز والصفي الْهِنْدِيّ وَابْن الزملكاني والقلانسي وَابْن قَاضِي الزبداني وَابْن الشَّهِيد وَإِبْرَاهِيم اللوري وَاحْمَدْ بن غنيمَة الوَاسِطِيّ وَغَيرهم من الْمَشَاهِير وَمن وقف هَذِه الْمدرسَة الحصص بالقنيطرة ثمَّ كفر عاقب والصرمان بكمالها والاشرفية قبلي دمشق وَنصف قَرْيَة الإسطبل بالبقاع وَنصف الطرة والبستان بالصالحية
تَرْجَمَة واقفها المنسوبة إِلَيْهِ
هُوَ السُّلْطَان ركن الدّين بيبرس العلائي البندقداري الصَّالِحِي صَاحب الفتوحات وَهُوَ الرَّابِع من مُلُوك التّرْك قَالَ فِي تحفة الناظرين اصله تركي اشْتَرَاهُ الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب واعتقه وَلَا زَالَت الأقدار تساعده حَتَّى وصل إِلَى مَا وصل وَكَانَ ملكا شجاعا مقداما يُبَاشر الحروب بِنَفسِهِ لَهُ مَعَ التتار الوقائع الهائلة ثمَّ الإفرنج وَقد بنى مدرسة بِالْقَاهِرَةِ تجاه المارستان عَام اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَتمّ الْبناء فِي سنة سبع وَقد تقلب الزَّمَان على مدرسته بِالْقَاهِرَةِ إِلَى أَن جعلهَا الإفرنج قلعة سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف حينما استولوا على مصر وَذَلِكَ لمتانتها وصلابتها وإتقان بنائها وَقَطعُوا مَا حولهَا من الْأَشْجَار وهدموا الْأَبْنِيَة الَّتِي كَانَت بَينهَا وَبنى أَيْضا قناطر أبي المنجى بالقليوبية وقناطر السبَاع بطرِيق مصر وَغير ذَلِك من قلاع وحصون وقناطر وخانات بِالشَّام وَغَيرهَا واكمل عمَارَة الْمَسْجِد النَّبَوِيّ من الْحَرِيق وَله فتوحات كَثِيرَة فتح النّوبَة ودنقلة وَلم تفتح قبله مَعَ كَثْرَة غَزْو الْخُلَفَاء والسلاطين لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute