لا يكونَ بينهُما كلِّيةٌ وبَعضية بلا مُلابَسة، والغَلطُ لا يقعُ في الفَصيح، إلا أن يُقال: إن اشتِراط نفيِ الكليَّة والبَعضيَّة في بدلِ الاشتِمال؛ إنَّما هو أن لا يكونَ الثاني مُطابِقًا للأوَّل، ولا بعضَه، وهنا الشَّأنُ لا مطابقٌ ولا بَعضٌ، فلا يَمتنعُ أن يكونَ اشتِمالًا.
وأمَّا الغَلطُ فقد يُقال: إنه يقعُ في الفَصيح، لكنْ قليلًا، فلا ينافي البلاغَةَ، أو يقال: هو بدل كلٍّ من كل؛ إذ الطُّهور مِفتاح أبوابِ العبادات كلِّها، والتَّرجُّل يتعلَّق بالرأس، والتنعُّل بالرِّجل، فكأنَّه شَمل جميعَ الأعضاء، أو يقالُ: هو قِسمٌ خامسٌ: أن يكون بدلَ كلٍّ من بعضٍ، كما قاله بعضُ النّحاة، نحو قوله:
نَضَّر الله أَعظُمًا دَفَنوها ... بِسِجِستَانَ طَلحَةَ الطَّلَحَاتِ
أو يُقدَّر لفظةُ: يعجِبُه التَّيمُّن قبلُ في شأنه؛ فتكونُ الجملةُ بدلًا من الجملة، أو أنَّ واوَ العطفِ منه محذوفةٌ، فقد جوَّزوه إذا دلَّت قرينةٌ، أو هو متعلقٌ بِـ (يُعجبُه) لا بالتيمُّن، أي: يعجبُه في كلّ شأنه التيمُّن في هذه الثلاثة، أي: لا يترك التيمُّنَ في الثلاثة في سَفَره وحَضَره وفَراغِه واشتِغاله وغيرِ ذلك.
(كله)؛ أي: إلا ما خُصَّ بدليلٍ، مِن نحوِ دخولِ الخلاء، وخروجِ المسجد، ونحو مسحِ الأُذنيَن، إذ ما من عامٍّ إلا خُصَّ، إلا في نحو:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٨٢]، وأنَّ ما استُحبَّ فيه التياسرُ تُرُوكٌ، لا مِنَ الفعلِ المَقصود، أو يقال: السؤَالُ ساقطٌ على تقدير ما سبقَ من الجوابِ السَّابع.