للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصل البِرِّ الطَّاعة والقَبول، يُقال: بَرَّ حَجُّك، بفتح الباء وضمها لازِمَين.

قلتُ: دعوى (ك) لُزوم بُر -بضم الباء- فيها نظَرٌ؛ لأنَّ ضمَّ الباء إنْ قُدِّر لكونه مبنيًّا للمفعول، أي: بَرَّه الله؛ فهو مُتَعَدٍّ قَطْعًا، وإنْ قُدِّر ضمُّه على حَدِّ: لُبَّ الرجلُ، أي: صارَ لَبيبًا، فمِثْله نادرٌ يحتاج إلى نقْلٍ، ففي "الصَّحاح": أنَّ أصل: لُبٌّ الكسر، تقول: لببتَ يا رجلُ، تَلَبُّ، -أي: بالفتح- لُبابُه، أي: صِرْتَ ذا لُبٍّ، وحكى يونسُ: لُبِبت -بالضم-، وهو نادرٌ لا نظيرَ له في المضاعَف، انتهى.

نعَمْ، فيه نظَرٌ؛ فإنَّ: حَبَّذا زيدٌ، أصلُه: حُبِّبْتُ -بالضم- كما قرَّره هو في موضعه، وغيرُه، وبَرَّ الله حَجَّك، أي: قَبِلَه، فيَكون مُتَعَدِّيًا.

قال الجَوْهَري: وأَبرَّ اللهُ حَجَّكَ لُغةٌ فيه، أي: تعديتُه بهمزةٍ، وتعريف الجِهاد باللَّام دُون الإيمان والحجِّ؛ لأنَّ المعرَّف بلام الجِنْس كالنَّكِرة في المعنى، فلذلك تُعرَب الجُملة في نحو:

ولَقَدْ أَمُرُّ علَى اللَّئيمِ يَسُبُّنِي

صِفةً لا حالًا.

قلتُ: وجوَّز كثيرٌ حاليَّتها باعتِبار صُورة التَّعريف باللَّام في (اللَّئيم) على أنَّ الحارِث بن أَبي أُسامة رواه في "مسنده": (جِهادًا) بالتَّنكير، وأما في المعنى فلأنَّ الإِيمان والحجَّ لا يتكرَّر وُجوبهما،