للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا جئ برأسه إلى شاور رفعت على قناة وطيف بها؛ فقال الفقيه عمارة (١):

أرى حنك الوزارة صار سيفا … يحد بحدّه صيد الرّقاب

كأنّك رائد البلوى، وإلاّ … بشير بالمنيّة والمصاب

فكان كما قال عمارة.

وأقام شاور وشيركوه بعد قتل ضرغام فى مخيّمهما بناحية المقس يومى السبت والأحد.

فلمّا كان يوم الاثنين طلع الوزارة فى ثالث شهر رجب، وخرج الكامل بن شاور من دار ملهم، أخى ضرغام، وكان معتقلا بها؛ وخرج معه القاضى الفاضل، وكان معه فى الاعتقال (٢)، وقد تأكّدت بينهما مودّة، فأدخله إلى أبيه ومدحه عنده وأثنى عليه، فسمّاه حينئذ بالقاضى الفاضل وكان قبل ذلك ينعت بالقاضى الأسعد.

وفرح العاضد بدخول شاور. ولمّا خلع عليه سار من القصر إلى باب زويلة، وخرج منه إلى باب القنطرة فنزل بدار الوزارة (٣). وركب شيركوه إلى مصر ورآها، وقصد الفقهاء مثل الكيزانى (٤) وابن حطيه، واجتمع بالشيخ أبى عمرو بن مرزوق وأخبره


(١) فى النكت العصرية: ٧٧؛ كتاب الروضتين: ٣٣٣:١. قال عمارة فى التقديم لهذين البيتين: «ولما جازوا برأسه على الخليج، وكنت أسكن صف الخليج بالقاهرة، قلت ارتجالا»: .. البيتين. وكان عمارة قد مدح ضرغام بقصائد اقتبس أبو شامة ثلاثة أبيات من إحداها تقول:
وأحق من وزر الخلافة من نشا … فى حضرة الإكرام والإجلال
واختص بالخلفاء، وانكشفت له … أسرارها بقرائن الأحوال
وتصرف الوزراء عن أفعاله … كتصرف الأسماء بالأفعال
كتاب الروضتين: ٣٣٣:١؛ النكت العصرية ٧٧.
(٢) كان القاضى الفاضل يعمل بديوان الإنشاء والجيش فى الإسكندرية، وقد استدعى إلى القاهرة فى عهد الخليفة الظافر. ويقول عمارة إن العادل رزيك بن طلائع هو الذى استقدمه من الإسكندرية واستخدمه بحضرته فى ديوان الجيش. النكت: ٥٣ - ٥٤. ويبدو أنه اعتقل منذ اعتقال رزيك حين قدم شاور القاهرة وتولى وزارتها. وبقى فى الاعتقال حتى أفرج عنه فى هذه المناسبة.
(٣) يعلق ابو شامة على هذا بقوله: ولم يغلب وزير لهم وعاد غير شاور «كتاب الروضتين: ٣٣٤:١.
(٤) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن ثابت بن فرح الأنصارى المصرى الواعظ الشافعى، أهم شاعر صوفى ظهر بمصر قبل ابن الفارض. يذكر ابن خلكان أنه لم يقف من شعره إلا على بيت واحد هو:
وإذا لاق بالمحب غرام … فكذا الوصل بالحبيب يليق
والكيزانى نسبة إلى عمل الكيزان وبيعها، وكان بعض أجداده يصنع ذلك. توفى سنة اثنتين وستين وخمسمائة ودفن قريبا من مدفن الشافعى ثم نقل إلى سفح المقطم بقرب الحوض الذى كان يعرف بحوض أم مودود حيث زاره ابن خلكان الذى قال إن