للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة تسع وخمسمائة (١):

فى ذى القعدة قفز على الأفضل عند باب الزّهومة (٢) من دكان صيرفىّ يعرف بالغار وسلم، فأخرجت الصدقات بسبب سلامته وقتل الصّيرفى وصلب على دكانه.

وورد الخبر بأن بغدوين ملك الفرنج وصل إلى الفرما، فسيّر الرّاجل من العطوفيّة (٣)، وسيّر إلى والى الشرقية بأن يسيّر المركزية والمقطعين إليها، ويتقدّم إلى العربان بأسرهم أن يكونوا فى الطّوالع ويطاردوا الفرنج ويشارفوهم بالليل قبل وصول العساكر، وأن يسير بنفسه؛ فاعتد ذلك؛ ثم أمر بإخراج الخيام وتجهيز الأصحاب والحواشى. فوصلت العربان والعساكر فطاردوا الفرنج؛ فخاف بغدوين من يلاحق العساكر، فنهب الفرما وأخربها وألقى فيها النّيران، وهدم المساجد، وعزم على الرجوع، فأدركته المنيّة ومات. فأخفى أصحابه موته، وساروا وقد شقّوا بطنه وحشوه ملحا (٤). وشنّت العساكر الإسلاميّة الغارات على بلاد العدوّ، وخيّموا على ظاهر عسقلان ثم عادوا.

وكانت الكتب قد نفذت من الأفضل إلى الأمير ظهير الدين طغتكين، صاحب دمشق، بعتبه ويقول له: «لا فى حق الإسلام ولا فى حق الدّولة التى ترغب فى خدمتها والانحياز


(١) ويوافق أول المحرم منها السابع والعشرين من مايو سنة ١١١٥. ويلاحظ أن المؤلف ترك أحداث سنة ٥٠٨؛ وسيتكرر مثل هذا، كما سبق أن رأينا مثله فى الجزء الثانى من هذا الكتاب.
(٢) من الأبواب الغربية للقصر الفاطمى الكبير، سمى بذلك لأن المواد التموينية، ومنها اللحوم وحوائج المطبخ، كانت تعبره إلى القصر، وكان فى آخر ركن القصر. والزهومة الزفر يعنى هو باب الزفر. المواعظ والاعتبار: ٤٣٥:١.
(٣) لعل هذه التسمية نسبة إلى الأستاذ - الخادم - عطوف أحد خدام القصر من أتباع أم ست الملك بنت العزيز بالله الفاطمى أخت الحاكم. وإلى هذه الجماعة تنسب حارة العطوف بالقرب من باب النصر، وكانت من أجمل مساكن القاهرة وفيها من الدور العظيمة والمساجد والحمامات ما لا يدخل تحت حصر. وقد خربت كلها وبيعت أنقاضها. المواعظ والاعتبار: ١٣:٢ - ١٤؛ النجوم الزاهرة: ٥٠:٤.
(٤) يقول أبو المحاسن: فشق أصحابه بطنه وصبروه ورموا حشوته هناك فهى ترجم إلى اليوم، بالسبخة، ودفنوه بقمامة. وسبخة بردويل، ويقال لها بحيرة البردويل، تقع على شاطئ البحر المتوسط على بعد تسعين كيلومترا شرقى بور سعيد، بين محطتى بئر العبد والمزار. النجوم الزاهرة: ١٧١:٥، فى المتن والتعليقات. وسيرد ذكر هذه الوفاة فى موضعها الصحيح ضمن أحداث سنة ٥١١.