للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ست وتسعين وأربعمائة (١):

فيها ندب الأفضل مملوك أبيه سعد الدّولة (ويعرف) (٢) بالطّواشى على عسكر لقتال الفرنج، فلقيهم بغدوين على تبنا (٣)، فكسرت عساكر الأفضل وتقنطر سعد الدولة فمات، وأخذ الفرنج خيمه فانهزم أصحابه (٤). وبلغ (الأفضل (٥) ذلك فجرّد فى أول شهر رمضان عسكرا قدّم عليه ابنه شرف المعالى سماء الملك حسينا، وسيّر الأسطول فى البحر، فاجتمعت العساكر بيازور (٦)، من بلاد الرملة؛ وخرج إليهم الفرنج، فكانت بينهما حروب هزمهم الله فيها بعد مقتلة عظيمة. ونزل شرف المعالى على قصر كان قد بناه الفرنج قريبا من الرّملة وسبعمائة قومص من وجوه الفرنج، فقاتلوه خمسة عشر يوما، فملكهم وضرب رقاب أربعمائة وبعث إلى القاهرة ثلاثمائة.

وكان أصحاب شرف المعالى قد رأى بعضهم أن يمضوا إلى يافا ويملكوها، ورأى بعضهم أن يسيروا إلى القدس. فبينا هم فى ذلك وصل مركب من الفرنج لزيارة قمامة، فندبهم بغدوين للغزو معه؛ فساروا إلى عسقلان وقد نزلها شرف المعالى وامتنع بها، وكانت حصينة؛ فتركها الفرنج ومضوا إلى يافا. وعاد شرف المعالى إلى القاهرة بعد ما كتب إلى شمس الملوك دقاق، صاحب دمشق، يستنجده لقتال الفرنج، فتقاعد عن المسير واعتذر.


(١) ويوافق أول المحرم منها الخامس عشر من أكتوبر سنة ١١٠٢.
(٢) بياض بالأصل يتسع لكلمة واحدة. والتكملة من الكامل: ١٢٧:١٠. وهناك يذكر ابن الأثير أن المنجمين كانوا يقولون له إنه سيموت مترديا، فكان يحذر من ركوب الخيل حتى إنه ولى بيروت وأرضها مفروشة بالبلاط فقلعه خوفا أن تزلق فرسه أو يعثر، فلما كانت هذه الوقعة انهزم وتردى به فرسه فسقط ميتا.
(٣) ويكتبها ياقوت تبنى بضم التاء وسكون الباء: بلدة بحوران من أعمال دمشق، وينقل عن ابن حبيب أنها قرية من أرض البثنية لغسان. معجم البلدان: ٣٦٤:٢.
(٤) سبق ذكر هذه الحملة فى أحداث سنة ٤٩٤، وقد علق عليها هناك بمقارنتها بما ورد فى النجوم الزاهرة وفى ذيل تاريخ دمشق.
(٥) زيد ما بين القوسين لأن السياق يقتضيه.
(٦) ومنها الوزير أبو محمد الحسين بن على بن عبد الرحمن اليازورى الذى تولى الوزارة للمستنصر سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ثم قتله المستنصر سنة خمسين وأربعمائة. انظر تفصيل الحديث عن وزارة اليازورى فى الجزء الثانى من هذا الكتاب.