للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عونك اللهم (١)

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم كلما ذكره الذاكرون، وكلما غفل عن ذكره الغافلون (٢).

الحمد لله الذى برأ سماوات طباقا رفيعات، ولما (٣) دونها محيطات، وجعلها فى الأقدار متفاوتات، وبالحركة متباينات، وفى التراكيب مختلفات، ذات بروج معدودة، وأقسام مقدّرة محدودة، وكواكب نيّرة موّارة، فى أفلاك بها دوّارة، تتحرك لأنفسها تارة فتردها أفلاكها بقدرته تعالى مقسورة؛ كلّ ذلك يجرى على ما قدّر له من إسراع وتأثير، وإبطاء وتدبير، وإنماء وتغيير، بأمر الحكيم القدير، وتقدير العليم الخبير؛ ودحا (٤) الأرض فسطحها مهادا، وأرسى عليها الجبال فصارت أوتادا.

ثم خلق الإنسان من طين، وأنشأ منه البشر من سلالة من ماء مهين، واستعمرهم فى الأرض لينظر كيف يعملون، وسخّر لهم ما فى السماوات وما فى الأرض لعلهم يشكرون، ومكّنهم من الاقتدار على إظهار العجائب، فأبدوا ما شاءوا من البدائع والغرائب، وتخوّلوا فيما اشتهوا من النعماء، وتبسطوا فى فنون الأفضال والآلاء، وأثاروا الأرض وعمروها، واتخذوا المدائن واستوطنوها، وقهروا الأعداء ممن ناوأهم، وخضّدوا بالقهر شوكة من عاندهم أو شانأهم.

حتى إذا كفروا النعم، ولم يخشوا العقوبة والنقم، أبادهم الله الذى أيّدهم، وأهلكهم القادر الذى مكّنهم، جزاء بما اكتسبوا من السيئات، وعقوبة لهم على اجتراح الخطيئات، وسيعيدهم أجمعين إليه، ويوقفهم كلّهم للحساب بين يديه.


(١) مكان هذه الجملة فى (ج): «رب زدنى علما».
(٢) هذه التصلية غير موجودة فى (ج) وانما يبدأ النص بالحمد له مباشرة.
(٣) (ج) «وبنى».
(٤) فى النسختين: «دحى»، ويقال: دحى يدحو أو يدحى، أى بسط يبسط.