للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها استقرّت حال الحافظ لدين الله وبويع له بيعة ثانية لمّا عمل الحمل. قال الشريف محمد بن أسعد الجوانى: رأيت صغيرا فى القرافة الكبرى، ويسمى قفيفة، سألت عنه، قيل هذا ولد الآمر: لما ولّى الحافظ ولىّ عهده من يولد، استولى على الأمر، وولد هذا الولد فكتم حاله، وأخرج فى قفّة على وجهها سلق وكرّات، وستر أمره إلى أن ركب بعد ذلك ووشى به فأخذ وقتل.

ولمّا تمكّن الحافظ قرئ سجلّ بإمامته، وركب من باب العيد إلى باب الذهب بزىّ الخلفاء، فى ثالث ربيع الأول؛ ورفع عن النّاس بواقى مكس الغلّة.

وأمر بأن يدعى له على المنابر بهذا الدّعاء، وهو: «اللهم صلّ على الذى شيّدت به الدين بعد أن رام الأعداء دثوره، وأعززت الإسلام بأن جعلت طلوعه على الأمّة وظهوره، وجعلته آية لمن تدبّر الحقائق بباطن البصيرة، مولانا وسيّدنا، وإمام عصرنا وزماننا، عبد المجيد أبى الميمون، وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين، صلاة دائمة إلى يوم الدين».

وفيها صرف أبو عبد الله محمّد بن هبة الله بن ميسّر عن قضاء القضاة، فى أول ربيع الأوّل، وقرّر مكانه سراج الدّين أبو الثّريا نجم بن جعفر، وأضيفت إليه الدّعوة، فقيل له قاضى القضاة وداعى الدّعاة، وذلك وقت العشاء الآخرة من ليلة الخميس لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة (١).

ولمّا مات يانس تولّى الحافظ الأمر بنفسه ولم يستوزر أحدا وأحسن السّيرة.

ويقال إن يانس لمّا قتل القاضى أبا الفخر سلّم الحكم إلى سراج الدّين أبى الثّريا نجم بن جعفر.

وفيها جهّز الحافظ الأمير المنتضى أبا الفوارس وثّاب بن مسافر الغنوىّ رسولا فى الرابع من ذى القعدة بجواب شمس الملوك (٢)، صاحب دمشق، وأصحبه الخلع السّنيّة وأسفاط


(١) وقتل فى ذى القعدة سنة ثمان وعشرين. نهاية الأرب: ٢٨.
(٢) شمس الملوك إسماعيل بن تاج الملوك بورى بن سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين، صاحب دمشق بين سنتى ٥٢٦ - ٥٢٩ (١١٣٢ - ١١٣٤)، تولى أمر دمشق بعد وفاة والده تاج الملوك متأثرا بالجراح التى أصابه بها الباطنية فى سنة ٥٢٥، وبقى شمس الملوك حتى دبرت أمه مقتله فى سنة ٥٢٩ حين اتهمه أمراؤه وأعوانه بأنه كان يدبر لتسليم دمشق إلى عماد الدين زنكى الذى كان يحاول الاستيلاء عليها. يقول ابن القلانسى فى ذلك: «فلم تجد لدائه دواء ولا لسقمه شفاء -