للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها بين القاهرة ومصر للتنزّه والترويح. أين هذا مما كان يفعله الحاكم من الخروج منفردا، ليلا أو نهارا، للتعرّف على أحوال الناس وتلقى ظلاماتهم وشكاياتهم، وعمله على إرضائهم وإنصافهم.

٤ - وفى سنة عشرين وأربعمائة «كانت فتنة بمصر بين المغاربة والأتراك، وكان الظفر للأتراك، ثم استظهرت المغاربة بمعاونة العامّة لهم، فقتلوا عدة كثيرة منهم، وأخرجوا من بقى منهم عن مصر».

٥ - وفى سنة أربع عشرة وأربعمائة غلت الأسعار وقلت. الأخباز. وحدث مثل هذا مرة أخرى فى السنة التالية إذ اشتدّ الغلاء والقحط، وعدمت الأقوات، فلم يصرف هذا الظّاهر عن الخروج فى موكبه التقليدى إلى الفسطاط للنزهة والترويح «وخلفه المقوّدون والمصطنعة، وبين يديه الرّقّاصون؛ فاستغاث الناس بضجة واحدة: الجوع يا أمير المؤمنين، الجوع!! لم يصنع بنا هكذا أبوك ولا جدّك». ولما جاء عيد الأضحى «مدّ السّماط بحضرة الظاهر؛ فلمّا جلس أهل الدولة عليه للأكل كبس العبيد القصر وهم يصيحون: الجوع! نحن أحق بسماط مولانا. ونهبوا جميع ما على السماط، وضرب بعضهم بعضا، والصقالبة تضربهم فلا يبالون».

٦ - وفى سنة خمس عشرة وأربعمائة اجتمع الناس بقنطرة المقس للاحتفال بعيد الفصح «فى لهو وتهتّك قبيح، واختلط الرجال بالنساء وهم يعاقرون الخمر، حتى حملت النّساء فى قفاف الحمّالين من شدة السكر، فكان المنكر شديدا». وقد شرب الظاهر الخمر فى سنة ثمانى عشرة وأربعمائة «وترخّص فيه للناس وفى سماع الغناء وشرب الفقّاع. فأقبل الناس على اللهو».

وبعد؛ فأظننا لا نستطيع أن نتّفق مع المقريزى فى قوله عن الظاهر: «وكانت أيامه كلّها سكونا ولينا»، وإن كنا نؤيده فى قوله: «وهو مشغول بملاذّه ونزهه

<<  <  ج: ص:  >  >>