للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مشغول بلذاته ونزهه وسماع المغنى». لكن استعراض الأحداث التى جرت فى عصره والتى فصّل المقريزى الحديث عنها، لا يؤيد القسم الأول من حكم المقريزى بأن «أيّامه كانت كلّها سكونا ولينا».

١ - فقد أسلم الظاهر أمره فى السنوات الأولى من خلافته إلى عمّته ست الملك التى نجحت فى قتل الحاكم وإقامة الظاهر مقامه، ولم تلبث أن أخضعته لسلطانها وأدارت الدّولة بوساطة أعوانها، ونكّلت بكل من اعترض طريقها. وكان من أوائل من نكلت بهم أولئك الذين ساعدوها فى التخلّص من أخيها بإحكام التّدبير ثم بإتقان التنفيذ.

وفى ظل سيطرة ست الملك تولّى أبو الفتوح موسى بن الحسن الوساطة - الوزارة - فى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، بعد أن كان يشرف على ديوان الإنشاء، ولم يلبث أن نكب بعد تسعة أشهر إذ صدر أمر ستّ الملك بإخراجه من مجلس الوزارة مسحوبا وبسجنه، ثم قتل بعد ذلك بأمرها.

٢ - وبعد وفاة ست الملك استسلم الظاهر لوزرائه ورجال دولته، فتنافس هؤلاء على مركز الصدارة، وقرر ثلاثة منهم: «أن يكون دخولهم على الخليفة الأخير فى كل خلوة، وأنهم يكفونه أمر الاهتمام بالدولة ليتوفّر على لذاته وينفردوا بالتدبير». فتم لهم ذلك، ولم يعترض الظاهر على تدبيرهم.

٣ - وشهد عصر هذا الخليفة بدء تفلّت البلاد الشامية من قبضة الدولة وتحرّك الثورات المحلية بها، وعجز الإدارة المركزية بالقاهرة عن حسم خطر هذه الثورات إذ كيف تستطيع القاهرة ذلك ورجال الدولة والقصر يتنافسون فى محاولاتهم إخضاع الخليفة لنفوذهم والخليفة فى شغل بملذاته ومواكبه الرسمية التى يتنقل

<<  <  ج: ص:  >  >>