للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسين بن لؤلؤ - صاحب الشرطة السفلى (١) - ومعه رسول جوهر، وبند (٢) عليه اسم المعز لدين الله، وبين أيديهما الأجراس بأن لا مئونة ولا كلفة، وأمّن الناس، وفرقت البنود، فنشر كلّ من عنده بند بنده فى درب حارته.

وجاء الجواب إلى الشريف وقت العصر، ونسخته بعد البسملة:

«وصل كتاب الشريف الجليل - أطال الله بقاءه، وأدام عزّه وتأييده وعلوه - وهو المهنأ بما هنأ به من الفتح الميمون؛ فوقفت على ما سأل من إعادة الأمان الأول، وقد أعدته على حاله.

وجعلت إلى الشريف - أعزّه الله - أن يؤمّن كيف رأى وكيف أحب، ويزيد على ما كتبته كيف يشاء، فهو أمانى، وعن إذنى وإذن مولانا وسيدنا أمير المؤمنين - صلوات الله عليه -.

وقد كتبت إلى الوزير - أيّده الله - بالاحتياط على دور الهاربين إلى أن يرجعوا إلى الطاعة، ويدخلوا فيما دخلت فيه الجماعة، ويعمل الشريف - أيّده الله تعالى - على لقائى فى يوم الثلاثاء لسبع عشرة تخلو من شعبان».

فاستبشرت الجماعة وابتهجوا، وعملوا على الغدو (٣) إلى الجيزة للقاء جوهر مع الشريف مسلم، وبات الناس على هدوء وطمأنينة.

فلما كان غداة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شعبان خرج الشريف أبو جعفر مسلم، وجعفر بن الفضل بن الفرات، وسائر الأشراف والقضاة والعلماء والشهود ووجوه التجار والرعية إلى الجيزة، فلما تكامل الناس أقبل القائد جوهر فى عساكره، فصاح بعض حجابه:


(١) الشرطة هم الجنود الذين يحافظون على الأمن، وقد كان بالفسطاط شرطة منذ الفتح العربى، وكان صاحبها فى المكان الثانى بعد الوالى، فلما أسست العسكر أنشئت فيها دار أخرى للشرطة سميت الشرطة العليا، لعلو العسكر عن الفسطاط، كما سميت شرطة الفسطاط بالشرطة السفلى منذ ذلك الحين، ولما فتح جوهر مصر وأنشأ القاهرة نقل اليها الشرطة العليا، وقد ظلت بها طول عهود الفاطميين والأيوبيين والمماليك. انظر (صبح الأعشى، ج ٤، ص ٢٣) حيث يذكر أنه كانت هناك شرطة ثالثة فى القرافة، وأنها ضمت فى أيامه الى شرطة الفسطاط أى السفلى.
(٢) ذكر فى ابن خلكان أن هذا البند كان أبيض اللون.
(٣) ج: «المسير»